بتكلفة 63 مليون جنيه
وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تعلنان تسليم المدفن الصحى بسمسطا ببنى سويف
شهدت مصر في السنوات الأخيرة تحولاً نوعيًا في استراتيجيات إدارة المخلفات الصلبة، متجاوزة المفهوم التقليدي للتخلص من النفايات، نحو نموذج أكثر استدامة يركز على تحويلها إلى موارد ذات قيمة، و تلعب المدافن الصحية الآمنة دوراً محورياً في تحقيق هذا التحول، كونها ليست مجرد أماكن لتجميع القمامة، بل منشآت هندسية متطورة مصممة للاستفادة القصوى من المخلفات وتقليل آثارها البيئية السلبية.
من تراكم النفايات إلى مصادر للموارد والطاقة النظيفة
يُعد تسليم المدفن الصحي بمركز سمسطا ببني سويف للمحافظة، بتكلفة 63 مليون جنيه، مثالاً بارزاً على التزام مصر بهذا النهج. هذا المدفن، الذي يمثل استثماراً كبيراً، لن يساهم فقط في التخلص الآمن من المخلفات، بل سيُدعم البنية التحتية لإدارة المخلفات الصلبة بالمحافظة، مع إمكانية استغلال الغاز الحيوي المنتج منه مستقبلاً.
المدافن الصحية أكثر من مجرد "مدفن قمامة"
المدافن الصحية الحديثة تختلف كليًا عن مقالب القمامة العشوائية التي كانت تنتشر في السابق هي منشآت مصممة بعناية فائقة لضمان:
العزل التام: يتم تبطين هذه المدافن بطبقات متعددة من المواد العازلة (مثل الأغشية الأرضية الاصطناعية والطين المضغوط) لمنع تسرب العصارة الناتجة عن تحلل النفايات إلى التربة والمياه الجوفية، وبالتالي حماية المصادر المائية والتربة من التلوث.
جمع ومعالجة العصارة: يتم تجميع العصارة الناتجة عن تحلل النفايات عبر شبكة أنابيب خاصة، ثم معالجتها في محطات معالجة مخصصة لضمان التخلص الآمن منها أو إعادة استخدامها.
التحكم في الغازات: تُنتج عملية تحلل المواد العضوية في المدافن غاز الميثان، وهو غاز قوي من غازات الدفيئة. في المدافن الصحية، يتم تركيب أنظمة لجمع هذا الغاز (غاز المكب أو الغاز الحيوي) لمنع انبعاثه في الغلاف الجوي.
كيف تحول المدافن الصحية المصرية النفايات إلى موارد؟
التحول من النفايات إلى موارد يتم عبر عدة آليات أساسية داخل وحول المدافن الصحية يُعد غاز الميثان الناتج عن تحلل المخلفات العضوية داخل المدفن مصدراً قيماً للطاقة المتجددة تقوم المدافن الصحية بجمع هذا الغاز عبر آبار خاصة، ثم يتم نقله إلى محطات معالجة حيث يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء.
تساهم هذه العملية في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير، وتوفر مصدراً نظيفاً ومستداماً للطاقة يمكن أن يغذي المدن والمناطق المحيطة. هذا يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويساهم في تحقيق أهداف مصر للطاقة المتجددة.
استخراج المواد القابلة لإعادة التدوير:
على الرغم من أن المدافن مخصصة للمخلفات غير القابلة للتدوير مباشرة، إلا أن العديد من المدافن الصحية المصرية يتم تصميمها لتشمل مناطق فرز مسبق للمخلفات يتم في هذه المناطق فصل المواد القابلة للتدوير مثل البلاستيك، المعادن، الورق، والزجاج قبل دفنها.
يعمل هذا الفرز على تقليل حجم النفايات التي يتم دفنها، مما يطيل العمر الافتراضي للمدفن، ويوفر مواد خام للصناعات المختلفة، مما يساهم في الاقتصاد الدائري.
تحويل المخلفات العضوية إلى سماد عضوي (الكمبوست):
في بعض المدافن الصحية المتكاملة، أو في المنشآت الملحقة بها، يتم فصل المخلفات العضوية (مثل بقايا الطعام ومخلفات الحدائق) ومعالجتها لإنتاج السماد العضوي (الكمبوست).
يُستخدم هذا السماد في تحسين جودة التربة وزيادة الإنتاج الزراعي، مما يعزز الأمن الغذائي ويقلل الحاجة إلى الأسمدة الكيماوية.
توفير فرص عمل جديدة:
إن إنشاء وتشغيل وصيانة المدافن الصحية يتطلب كوادر فنية وإدارية وعمالة مدربة، مما يخلق فرص عمل جديدة في مجالات متعددة، من الهندسة البيئية وإدارة المخلفات إلى التشغيل والصيانة.
