لماذا بدأ التقويم الهجري بشهر المحرم؟ مجمع البحوث الإسلامية يوضح

مع حلول رأس السنة الهجرية الجديدة 1447 هـ، يتجدد التساؤل بين المسلمين حول العالم: لماذا يبدأ التقويم الهجري بشهر المحرم، رغم أن الهجرة النبوية وقعت في شهر ربيع الأول؟
هذا التساؤل يزداد حضورًا مع إعلان دار الإفتاء المصرية أن الأربعاء 25 يونيو 2025، الموافق 29 من شهر ذي الحجة 1446 هـ، هو يوم استطلاع هلال شهر المحرم.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن النبي محمد ﷺ لم يحدد بنفسه بداية التقويم الهجري، رغم أن معظم الأحداث المفصلية في حياته، ومنها الهجرة، وقعت في شهر ربيع الأول.
كيف بدأ التقويم الهجري؟
بحسب الجندي، فإن فكرة وضع تقويم هجري جاءت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين لاحظ الصحابة أن الرسائل والمكاتبات الرسمية تُكتب دون تاريخ، مما دفعه إلى التشاور مع الصحابة حول نقطة الانطلاق المناسبة للتقويم الإسلامي.
وقد تنوعت الاقتراحات بين بدء التأريخ من مولد النبي، أو من بعثته، أو من وفاته، أو من حادثة الإسراء والمعراج، إلى أن استقر الرأي على أن تكون الهجرة النبوية هي الحدث الأهم والأكثر دلالة على التحول في مسار الدعوة الإسلامية، فتم اعتمادها بداية للتقويم.
لماذا اختير المحرم كبداية للسنة؟
رغم أن الهجرة وقعت فعليًا في شهر ربيع الأول، فإن الصحابة اختاروا شهر المحرم ليكون أول شهور السنة الهجرية. ويُعزى ذلك إلى عدة أسباب:
- شهر المحرم من الأشهر الحُرم التي عظّمها الله في كتابه الكريم، حيث قال: "منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم".
- المحرم يأتي مباشرة بعد موسم الحج، وهو وقت يشهد عودة الناس إلى بلادهم، مما يجعله توقيتًا مناسبًا لبداية عام جديد.
- يُعرف المحرم بأنه "شهر الله المحرم"، وهو الشهر الوحيد الذي نُسب إلى الله تعالى بهذه الصيغة، مما يضفي عليه مكانة روحية خاصة.
أشار الجندي إلى أن اختيار الهجرة كبداية للتقويم الإسلامي لم يكن مجرد اختيار تاريخي، بل كان تعبيرًا عن لحظة فارقة في مسيرة الأمة الإسلامية. فقد انتقل المسلمون من مرحلة الاضطهاد في مكة إلى مرحلة بناء الدولة في المدينة، حيث أُسس المسجد، وبدأت الصلاة تُقام جهرًا، وبدأت ملامح المجتمع الإسلامي تتشكل.
واختتم الجندي بالتأكيد على أن هذا الاختيار يعكس وعي الصحابة بأهمية تنظيم الزمن وربطه بالأحداث الكبرى التي شكّلت هوية الأمة، مشيرًا إلى أن التقويم الهجري ليس مجرد وسيلة لحساب الأيام، بل هو تذكير دائم بقيم التضحية، والصبر، والانطلاق نحو البناء.