البابا تواضروس يستعرض رحلته الدراسية من كلية الصيدلة إلى خدمة الكنيسة |تفاصيل

استعرض قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في مقال إنساني مؤثر، محطات من رحلته الدراسية والتعليمية داخل مصر وخارجها، مسلطًا الضوء على التأثير العميق الذي تركته هذه التجارب في تشكيل شخصيته وبناء مسيرته الكنسية والقيادية.
وقال البابا تواضروس إن مراحل التعليم المختلفة، من الثانوى إلى الجامعى وما بعد الجامعى، تمثل الركيزة الأساسية فى بناء الإنسان وتكوين نظرته للحياة، مشيرًا إلى أن "التعلم ليس فقط تراكمًا للمعرفة، بل هو نافذة لفهم العالم وخدمة الآخرين". وأضاف: "رحلتي التعليمية لم تكن مجرد تحصيل علمي، بل كانت طريقًا لاكتشاف الذات وتعميق الإيمان".
من الصيدلة إلى التصوير
تخرج قداسة البابا في كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية عام 1975 بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف، وعمل بعد التخرج في وحدة صحية تابعة لوزارة الصحة، قبل أن يلتحق بالدير لاحقًا.
واستعرض قداسته إحدى التجارب التي أثرت فيه كثيرًا، وهي حصوله على منحة دراسية لمدة 100 يوم في المملكة المتحدة، شارك خلالها مع طلاب من إنجلترا والهند وباكستان وأيرلندا، واطلع على نظم التعليم المتقدمة والرعاية الصحية، وحرص خلالها على اقتناء كتب في فن التصوير الفوتوغرافي، وهو أحد هواياته القديمة.
كما تحدث عن مشاركته في برنامج تدريبي متقدم بكندا عام 1991 حول "التنمية والكنيسة"، والذي نظمه مجلس كنائس الشرق الأوسط بالتعاون مع معهد كندي. وقال البابا: "كانت تجربة مدهشة، تعلمت فيها كيف يمكن للكنيسة أن تلعب دورًا فاعلًا في تنمية المجتمعات وخدمة المهمشين"، مشيرًا إلى أن الكلمة التي ألقاها في ختام البرنامج جعلت الحضور يصفقون له بحرارة، بعد أن أجاب عن سؤال افتراضي يتعلق بكيفية إنفاق مليون دولار في خدمة الإنسان.
المعرفة تقود إلى الخدمة
أوضح البابا تواضروس أن هذه التجارب التعليمية المتنوعة أكسبته آفاقًا أوسع في فهم دور الكنيسة في المجتمع، وعمّقت لديه مفاهيم القيادة والتدبير والخدمة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها مصر في أعقاب حادث اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1981، وما أعقبه من توترات بين الدولة والكنيسة.
وأضاف: "لم أشعر بقيمة هذه الفرص الدراسية حقًا إلا بعدما وضعتني العناية الإلهية في مسؤولية قيادة الكنيسة عام 2012، فكانت هذه السنوات التكوينية بمثابة الزاد الذي أمدّني بالحكمة والمعرفة في خدمة الناس"، مشددًا على أهمية التعليم والسفر كوسيلتين لفتح الأفق وتطوير الذات.
تقدير وامتنان
وختم قداسته مقاله برسالة شكر وامتنان لكل من قدم له دعمًا أو أتاح له فرصة للتعلم، قائلاً: "أشعر بعظيم الامتنان والتقدير لكل من ساعدني، فكل تجربة، وكل كتاب، وكل لقاء، كان لبنة في بناء هذه المسيرة، التي هي في حقيقتها رسالة حب وخدمة من أجل الإنسان".
يذكر أن البابا تواضروس الثاني تولى الكرسي البابوي في نوفمبر 2012، ويعد من الشخصيات الدينية المؤثرة في الشرق الأوسط، ويولي اهتمامًا كبيرًا بالعلم والمعرفة والتواصل المجتمعي، ويدعم مبادرات التعليم والصحة النفسية والتنمية المستدامة داخل الكنيسة وخارجها.