عاجل

(إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾… كيف تعامل النبي ﷺ مع المسيئين له؟

تعامل النبي
تعامل النبي

 تبقى سيرة النبي محمد ﷺ منارة تهدي إلى القيم الحقيقية في التعامل، خصوصًا مع من يسيء ويظلم. ولعل من أعظم الشواهد القرآنية التي تصف خُلق النبي ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وهي شهادة ربانية اختص بها الله تعالى نبيه الكريم، لتكون دستورًا في التعامل مع جميع الناس، حتى المسيئين منهم.


ورغم ما تعرّض له النبي ﷺ من إيذاء نفسي وجسدي، سواء من قومه أو غيرهم، لم يُقابل الإساءة بمثلها، بل اختار طريق الحلم والعفو والرحمة، تنفيذًا لأمر ربه، وتجسيدًا لما جاء في رسالته التي قال عنها: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

أبرز مواقف النبي في التسامح: 


في مكة، لاقى النبي أصنافًا من الأذى: شُتم، وسُب، وأُهين، ووُضع على ظهره سلى الجزور وهو ساجد، ومع ذلك، لم يكن يرد الإساءة بالإساءة، بل كان يقول: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” [رواه البخاري]. لم يدعُ عليهم، ولم يثأر لنفسه، بل حمل في قلبه رحمة عظيمة.

ومن أبلغ المواقف موقفه مع أهل الطائف، حينما أغروا به السفهاء فضربوه بالحجارة حتى أُدمِيَت قدماه، فجاءه مَلَك الجبال يعرض عليه أن يُطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي ﷺ: “بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يُشرك به شيئًا”.

وفي فتح مكة، حين دخلها النبي ﷺ منتصرًا، قال لمن آذوه وعذبوا أصحابه سنوات طويلة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، فلم ينتقم، ولم يعاملهم بمثل ما فعلوا.

هذه المواقف ليست قصصًا للتأمل فقط، بل هي دروس عملية في التسامح، تُعلم الإنسان كيف يترفع عن الضغينة، ويتعامل برقي مع من أساء إليه. وقد أكد علماء الأزهر ودار الإفتاء المصرية أن سيرة النبي ﷺ تمثل قمة التسامح والرحمة في مواجهة الإساءة، وأنها تصلح أن تكون نموذجًا يُحتذى به في مجتمعاتنا التي تحتاج اليوم إلى خُلق العفو أكثر من أي وقت مضى.

إنّ تعامل النبي ﷺ مع المسيئين يُجسّد خلق الإسلام في أرقى صوره، ويؤكد أن الدعوة لا تكون بالصدام، بل بالحكمة والموعظة الحسنة

تم نسخ الرابط