المشروبات الغازية الصيفية.. خطر خفي يهدد صحة المعدة

مع تصاعد درجات الحرارة في فصل الصيف وازدياد الشعور بالعطش والرغبة في الانتعاش، يتجه كثير من الناس إلى استهلاك المشروبات الغازية المثلجة، ظنًّا منهم أنها الخيار الأمثل للتبريد وتعويض السوائل. إلا أن هذا التصرف العفوي، بحسب مختصين في التغذية العلاجية، قد يكون له ثمن صحي باهظ، خاصة على مستوى المعدة والجهاز الهضمي بشكل عام.
وهم الانتعاش.. ومخاطر خفية
المشروبات الغازية ليست فقط خيارًا غير صحي، بل تُعد من أكثر المشروبات ضررًا للجسم، وخصوصًا في فصل الصيف حين يبالغ البعض في تناولها بصورة يومية أو مع كل وجبة.
معظم المشروبات الغازية تحتوي على كميات كبيرة من السكر والكافيين والمواد الحافظة والأحماض، مثل حمض الفوسفوريك، وهي مكونات تؤثر بشكل مباشر على سلامة المعدة وقدرتها على القيام بوظائفها الحيوية، ومن أبرز الأضرار التي تلحق بالمعدة:
- زيادة الحموضة المعوية والارتجاع الحمضي، خصوصًا عند تناولها على معدة فارغة.
- تهيج الغشاء المخاطي للمعدة مما يُسهم في الإصابة بالتهاب المعدة على المدى الطويل.
- ضعف كفاءة عملية الهضم نتيجة الاضطراب الذي تُسببه الغازات والسكريات الزائدة.
خطر إضافي على مرضى الضغط والسكري
ولا تقف المشكلة عند حدود المعدة فحسب، بل تمتد إلى فئات أكثر عرضة للخطر، مثل مرضى السكري وضغط الدم. وتوضح فرحات أن المشروبات الغازية، حتى تلك التي تُسوّق بأنها "دايت"، قد تُحدث اضطرابات في مستويات الجلوكوز، وتؤدي إلى:
- ارتفاع مفاجئ في سكر الدم ثم انخفاض حاد، وهو ما يربك الجسم ويرهق البنكرياس.
- زيادة احتباس السوائل في الجسم بسبب كميات الصوديوم، ما يؤدي لرفع ضغط الدم.
- السمنة وتراكم الدهون الحشوية، وهي من أخطر أنواع الدهون المرتبطة بأمراض القلب.
تأثير مباشر على العظام والأسنان
من الأخطار التي لا يدركها كثير من المستهلكين أن المشروبات الغازية تُضعف امتصاص الكالسيوم وتُسرّع من فقدان كثافة العظام، ما يرفع احتمالية الإصابة بهشاشة العظام، خاصة لدى النساء. كما تُعد من العوامل الأساسية لتآكل مينا الأسنان، لاحتوائها على أحماض تؤدي إلى تآكل الطبقة الواقية للأسنان مع مرور الوقت.
ماذا عن النساء الحوامل؟
تُحذر استشارية التغذية من لجوء النساء الحوامل لتناول المشروبات الغازية بشكل اعتيادي، إذ تشير إلى أن الكافيين الزائد الموجود فيها قد يؤثر على نمو الجنين، ويزيد من خطر الإصابة بفقر الدم عند الأم نتيجة إعاقة امتصاص الحديد.
البدائل الصحية.. ترطيب دون ضرر
وتقدم فرحات مجموعة من البدائل الصحية التي يمكن الاعتماد عليها لتبريد الجسم بطرق طبيعية وآمنة:
- عصائر الفواكه الطبيعية غير المحلاة مثل البطيخ والشمام والموز باللبن.
- ماء مُنكّه بشرائح الخيار أو الليمون أو أوراق النعناع، الذي يمنح ترطيبًا وانتعاشًا دون ضرر.
- مشروبات الأعشاب المبردة مثل الكركديه والينسون.
- مشروبات الزبادي والعيران الطبيعي التي تدعم الهضم وتحافظ على توازن السوائل.
رسالة توعية في ظل موجات الحر الشديدة
مع موجات الحرارة المتكررة، لا بد من توجيه رسالة توعوية واضحة: الترطيب لا يعني بالضرورة تناول مشروب بارد فقط، بل يتعلق بجودة المشروب وتأثيره الداخلي على الجسم. فالمشروبات الغازية قد تمنح إحساسًا لحظيًا بالانتعاش، لكنها تُخلّف وراءها سلسلة من التأثيرات السلبية طويلة المدى.
المشروبات الغازية لم تعد مجرد "خيار مشروب"، بل باتت أحد أسباب الخلل الغذائي الشائع في مجتمعاتنا، وهي عادة تحتاج إلى مراجعة جدية. وبينما يتطلب الطقس الحار حلولًا لترطيب الجسم، تبقى الخيارات الطبيعية الغنية بالعناصر الغذائية هي الخيار الأكثر حكمة، والأبعد عن مضاعفات صحية قد تبدأ من المعدة ولا يُعرف أين تنتهي.