محمد العرابي: ترامب وعد بإنهاء الحروب لكن الواقع على الأرض معقد

أكد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب حاولت أن تُقدم نفسها باعتبارها قوة للسلام وإنهاء الحروب، وأنه على الأقل نظريًا أظهر التزامًا بوعوده الانتخابية فيما يتعلق بتقليل التدخلات العسكرية، إلا أن الواقع الجيوسياسي على الأرض جاء مختلفًا تمامًا، ومليئًا بالتشابكات والمصالح المتضاربة.
وقال العرابي، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "الخلاصة"، المذاع عبر شاشة قناة المحور، إن الطرح المثالي الذي رفعه ترامب حول الحد من الحروب لم يصمد طويلًا أمام التحولات الدولية المعقدة التي فرضت نفسها على المسرح السياسي، خصوصًا بعد تفجر المواجهات بين إسرائيل وإيران.
صعود أدوار دولية جديدة
وأشار محمد العرابي إلى أن الأزمة الحالية كشفت عن فاعلية قوى دولية أخرى، وعلى رأسها روسيا والصين، موضحًا أن هذه الفاعلية لم تكن بالضرورة إيجابية، لكنها تعكس تعدد مراكز التأثير في النظام الدولي.
وأوضح محمد العرابي أن كل من موسكو وبكين سعتا إلى إثبات حضورهما في إدارة الأزمة الإقليمية، لكن تدخلاتهما لم تؤدِ حتى الآن إلى تحقيق تهدئة حقيقية أو خفض حدة التصعيد، وإنما زادت من تعقيد المشهد.
من الضعف إلى القدرة
وفي تقييمه للموقف الإيراني، قال محمد العرابي إن طهران لم تعد الطرف الأضعف كما كانت تُصور سابقًا، بل أثبتت خلال المواجهات الأخيرة مع إسرائيل أنها تمتلك قدرات عسكرية وتكتيكية تؤهلها للرد بشكل فعال.
وأشار محمد العرابي إلى أن إسرائيل، التي اعتادت الاستخفاف بالقدرات الإيرانية، فوجئت بردود فعل متسارعة وعنيفة من الجانب الإيراني، ما يعكس تطورًا نوعيًا في الاستراتيجية الدفاعية والهجومية لطهران.
التحولات الإقليمية
وشدد محمد العرابي على أن ما يحدث الآن يستوجب إعادة قراءة شاملة لموازين القوى في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن التحالفات التقليدية لم تعد كافية لفهم ديناميكيات الصراع، في ظل تمدد نفوذ الفاعلين غير التقليديين وتعقد شبكة المصالح الأمنية والاقتصادية والعسكرية.
ولفت محمد العرابي إلى أن الأزمة الراهنة أثبتت أن المعادلات السياسية لم تعد تُدار فقط من واشنطن وتل أبيب، بل هناك أطراف أخرى باتت تصنع الفارق، حتى وإن لم تكن في دائرة الضوء.

واقعية للدبلوماسية الدولية
وفي ختام مداخلته، دعا محمد العرابي إلى تبني خطاب أكثر واقعية في التعامل مع الأزمات الإقليمية، بعيدًا عن الشعارات المثالية أو الوعود الانتخابية، مؤكدًا أن الدبلوماسية الحديثة تتطلب مرونة وتعدد خيارات، مع فهم عميق لطبيعة التحولات الدولية التي أصبحت تتجاوز الخطاب التقليدي للدول الكبرى.