عاجل

لم تكن بطولة. كانت رحلة مشاعر. الأهلي ذهب إلى كأس العالم للأندية حاملا تاريخه على كتفيه وتطلعات جماهيره في قلبه. ذهب وفي عيونه صورة المجد وفي صدره قلب لا يعرف الاستسلام. لم يكن يطلب المستحيل. فقط أراد أن يكون حيث ينتمي بين الكبار حيث تصنع الاساطير.

المباراة الاولى امام انتر ميامي بدأت وكأن كل شيء ممكن، الشوط الاول كان كما يتمنى اي مشجع اهلاوي. الفريق متماسك يلعب بثقة يصنع الفرص يفرض شخصيته. ثم جاءت اللحظة. ركلة جزاء اهدرها الفريق ومن بعدها تغير كل شيء، المباراة انتهت بالتعادل لكنها تركت احساسا ثقيلا بأن فوزا كان قريبا وأن البدايات تحاسب احيانا اكثر من النهايات.

ثم جاء بالميراس البرازيلي. الخصم قوي نعم. لكن الأهلي لم يكن ضعيفا. ما حدث لم يكن نتيجة تفوق برازيلي بل سوء قراءة فنية. الجبهة اليمنى كانت بلا روح. محمد هاني يحاول يقاتل يركض لكن لا أحد بجانبه. لا شريك لا مساندة لا جناح يخلق العرضية او يسحب المدافع. الفريق دخل في دوامة اجتهاد فردي واختفى التنوع. خطأ في التمركز هدف عكسي ثم آخر لتنتهي المباراة بضربة نفسية لا فنية فقط.

لكن الأهلي كما نعرفه لا ينهار. مباراة بورتو البرتغالي كانت المعنى الحقيقي لشخصية هذا النادي. اربعة اهداف سجلها في مرمى فريق اوروبي كبير. خمس فرص مؤكدة ضاعت واسم الأهلي دوى في الملعب كما دوى في القلوب. لم يكن فوزا لكن كان كافيا ليقول للجميع ان الأهلي لا يقهر بسهولة وان الكبرياء الاحمر لا يموت.

وفي المدرجات كانت الرواية الاجمل. جماهير الأهلي في امريكا لم تكن جمهورا. كانت حكاية. كانت نشيدا متنقلا بين ولايات يرسم بعلمه الاحمر ملامح الوطن. كل مباراة كانت كأنها في القاهرة. الهتاف هو نفسه الحماس هو ذاته الحب لا يتغير مهما بعدت المسافة. جمهور الأهلي في امريكا لم يكن يساند فقط بل كان يعيد تذكير الجميع لماذا هذا النادي مختلف.

نعم هناك عتاب. لا احد ينكر ان بعض اللاعبين خذلوا القميص. لم يكن الاستهتار علنيا لكنه تسلل في لحظات. وبعض القرارات الفنية لم تكن في حجم البطولة ولا حجم الأهلي. لكن العتاب هنا من محب. من مشجع يعرف ان فريقه قادر على الافضل. وان من يرتدي هذا الشعار لا يملك رفاهية الخطأ المتكرر او الاداء الباهت.

ريبيرو في بداية الطريق. من الظلم الحكم عليه الان لكن من الامانة ان نقول ان الأهلي اكبر من ان يتعلم الناس فيه على حساب بطولاته. لا نطلب المعجزات فقط نطلب الفهم. ان تعرف قيمة هذا الكيان. ان تقرأ وجوه الجماهير قبل ان تقرأ الارقام. ان تدرك ان في الأهلي كل شيء يقاس بالموقف لا بالنتيجة فقط.

لم يخرج الأهلي من البطولة فقط. خرج ومعه غضب وامل وخبرة ومرايا كثيرة. خرج وهو يعرف الان ما ينقصه. وخرج وهو يرى في عيون جمهوره نفس الرسالة. لا بأس ان تتعثر لكن لا تكرر ما اوجعنا.

الأهلي لا يحتاج الى تبرير. تاريخه يبرر له. لكنه يحتاج الى وقفة. الى مراجعة. الى صوت عاقل في غرفة القرار يقول اننا لسنا هنا لنكون طرفا مشرفا بل بطلا حاضرا. وان الفاصل بين الخروج والخلود ليس كبيرا بل مجرد قرار وتشكيلة وموقف.

هذه لم تكن بطولة للنسيان بل للتعلم وللتذكر وللتجهيز لما هو قادم. لان الأهلي حين يعد لا يخلف. وحين يغيب لا يطول غيابه. وحين يعود لا يكتفي بالظهور.

هو الأهلي. لا يعرف بالخسارة بل بكيفية الرد عليها.

تم نسخ الرابط