عاجل

على طريقة ديزني.. محي إبراهيم يصنع عالمه الأخضر فوق شجرة

منزل فوق الشجرة
منزل فوق الشجرة

وسط خضرة ريفية ونيل هادئ، وفي قلب قرية كفر علي بمركز كفر شكر بمحافظة القليوبية، نسج محي إبراهيم، ابن السبعين عامًا، قصة فريدة من نوعها، مزج فيها بين الفن والبساطة، وبين الصبر والطبيعة. لم ينتظر دعمًا من أحد، بل اعتمد على فكرته وإرادته، ليحول شجرة في أرض مهملة كانت مقلبًا للقمامة، إلى جلسة معلقة ساحرة تفتح أبواب الخيال، وكأنها أحد مشاهد أفلام ديزني.

من حلم إلى حقيقة

يحكي محي إبراهيم بداية حكايته قائلاً:
"الحتة دي كانت زمان مقلب قمامة.. كنت راجع من أسوان وشفت قد إيه النيل هناك ليه روح، وقلت ليه ما يكونش عندنا مكان يشبه ده؟ بدأت أنضف الأرض وزرعت شجر وزهور، وقلت أعمل قعدة على شجرة تبص على النيل، تبقى هدوء وسكينة وطبيعة خالصة".

بدأ التنفيذ عام 1987، دون أي أدوات هندسية معقدة، فقط بحبال وأوتاد، وقلب فنان. راح يوجه نمو فروع شجرة "الفيكس" التي زرعها بيده لتأخذ اتجاهًا أفقيًا، وليس رأسيًا كما هو طبيعي، حتى صارت الفروع قوية وصلبة، تشبه أعمدة البناء.

جلسة من الخشب والطبيعة

ويتابع محي: "بعد ما الفروع شدت نفسها، بدأت اشتغل على التصميم، قصيت وقلمت ورتبت، وبعد كده ركّبت عليها ألواح خشب مستوية، بحيث تكون القعدة ثابتة وآمنة.. وفي خلال شهرين كانت الجلسة خلصت، وبقيت كل يوم أزود عليها لمسات واهتمام".

لم يكتفِ محي بذلك، بل استخدم أحد الفروع لينمو عموديًا فوق الجلسة، ليكون بمثابة مظلة طبيعية تحمي الجالسين من الشمس، دون الحاجة لأي غطاء صناعي قد يضر الشجرة أو يفسد جمالها.

الجيران: "إبداع من نوع خاص"

لم تمر الفكرة مرور الكرام على جيرانه، بل أثارت إعجاب الجميع، وأصبحت الجلسة الخضراء مزارًا صغيرًا لأهل القرية.

يقول الحاج عبد الجواد، أحد جيرانه: "الراجل ده فنان بالفطرة.. محدش يقدر يعمل اللي عمله ده غير واحد بيحب الأرض والشجر بصدق.. القعدة بقت أجمل من أي مكان ممكن تروحه".

ويضيف عم سعيد، صديق محي: "إحنا كل يوم بنعدي من هنا ونقف نتفرج.. شجرة كانت بتطرح ظل، دلوقتي بقت بتطرح أمل وفن.. الناس بتيجي من القرى التانية تشوفها".

حتى الأطفال أصبحوا ينظرون إلى المكان وكأنه مغامرة في عالم خيالي، يلتفون حولها ويصفونها بـ"البيت اللي فوق الشجرة"، وكل واحد منهم يتمنى أن يصنع مثله يومًا ما.

نحو موسوعة جينيس

ورغم بساطة المشروع، إلا أن محي يسعى الآن لتوثيقه عالميًا، ويأمل في تسجيله بموسوعة "جينيس" للأرقام القياسية.
يقول:
"اللي عملته مش مجرد ديكور.. الشجرة دي نوعها مش سهل يتعمل عليه تصميم زي ده.. خدت وقت طويل وتعب وصبر.. بس كانت كل لحظة فيه بتقربني من حلمي.. دلوقتي نفسي العالم يشوف اللي إحنا نقدر نعمله من غير إمكانيات.. بس بإرادة وحب للطبيعة".

وفي زمن طغت فيه الأبراج الخرسانية والأسمنت على المساحات الخضراء، يقف مشروع محي إبراهيم شاهدًا على أن الجمال يمكن أن ينمو من أبسط الأفكار، وأن الطبيعة لا تزال قادرة على أن تدهشنا حين تُمنح فرصة للحياة.

منزل فوق الشجرة

تم نسخ الرابط