أسواق النفط ترتفع بقوة بعد الهجوم الإيراني على قاعدة أمريكية في قطر

في تطور خطير وغير مسبوق، شنت إيران ضربة صاروخية مباشرة على قاعدة "العديد" الجوية الأمريكية في قطر، في خطوة تُعد تحولًا نوعيًا في مسار المواجهة الإقليمية بين طهران وواشنطن.
الهجوم أثار مخاوف متزايدة من احتمالية امتداد هذا التصعيد إلى دول عربية أخرى تستضيف قواعد عسكرية أمريكية، من بينها الإمارات والكويت والبحرين والسعودية.
رغم أن الضربة الصاروخية لم تستهدف منشآت نفطية أو غازية بشكل مباشر، إلا أن آثارها امتدت بسرعة إلى الأسواق العالمية، التي شهدت تقلبات حادة. حيث سارع المستثمرون إلى تسعير "علاوة الخطر الجيوسياسي"، ما دفع بأسعار النفط إلى قفزات ملحوظة، وزاد من القلق بشأن اضطراب إمدادات الغاز الطبيعي، لا سيما أن قطر تعتبر من الأعمدة الأساسية لسوق الطاقة العالمي، بفضل احتياطياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي المسال.
جدول زمني لأبرز تطورات التصعيد
"نيوز رووم" يرصد أبرز تطورات التصعيد منذ بدء الحرب..
22 يونيو إيران تنفذ ضربة صاروخية تستهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر
22 يونيو – مساءً ارتفاع أسعار النفط والغاز بسبب مخاوف تعطيل الإمدادات
23 يونيو – صباحًا تذبذب الأسواق وسط دعوات دولية للتهدئة
23 يونيو – مساءً تقارير عن تعزيز أمريكي للوحدات في الخليج
24 يونيو تحذيرات من خطر إغلاق مضيق هرمز وركود عالمي محتمل
أسعار النفط على حافة الانفجار
سجّلت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا كبيرًا فور إعلان الضربة، إذ تجاوز خام برنت حاجز 74 دولارًا للبرميل قبل أن يتراجع قليلًا مع تقييم الأسواق لاحتمالات التهدئة. وسجّل خام غرب تكساس الوسيط 70 دولارًا، وسط تذبذب حاد في السوق.
وحذر د. أحمد أمام، الخبير الاقتصادي، من أن استمرار التصعيد ووجود تهديد فعلي لمضيق هرمز قد يدفع الأسعار إلى ما فوق 100 دولار، وربما 120، ما سيضاعف من تكاليف الاستيراد ويزيد أعباء دعم الطاقة في الدول المستوردة وعلى رأسها مصر.
فكلما اقترب الخطر من الممرات الملاحية، زادت كلفة التأمين والشحن، ما ينعكس فورًا على قناة السويس، أحد أكبر مصادر العملة الأجنبية لمصر"، بحسب قوله.
قناة السويس تحت الضغط من جديد
مع تهديد مضيق هرمز – الذي تمر عبره نحو 20 مليون برميل يوميًا – تصبح المسارات البديلة أكثر تكلفة وأطول زمنًا، وهو ما يدفع بعض الخطوط الملاحية للالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي يهدد إيرادات قناة السويس التي بلغت أكثر من 9 مليارات دولار قبل أزمة البحر الأحمر.
الغاز القطري في مرمى القلق العالمي
رغم أن منشآت الغاز القطرية لم تُصَب، فإن قطر – أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميًا – أصبحت في دائرة القلق الدولي. وحذرت مؤسسات مالية من أن أي ضرر مباشر بمنشآت رأس لفان أو ممرات تصدير الغاز سيؤدي إلى قفزة في أسعار الغاز بأكثر من 30%.
وأكد د. أحمد أمام أن مصر قد تجد نفسها بين مكسب تصديري وخسارة استيرادية:
ارتفاع الأسعار يعزز عائدات تصدير الغاز من إدكو.
لكنه يرفع أيضًا تكلفة استيراد الغاز لتوليد الكهرباء، خاصة في الصيف.
التأثير المباشر على الاقتصاد المصري
أشار د. أحمد أمام إلى أن مصر تواجه ضغوطًا متزايدة على:
فاتورة دعم الطاقة
مخصصات الموازنة العامة
تدفقات العملة الأجنبية من قناة السويس
ورغم ذلك، أشار إلى أن مصر لا تزال تملك أدوات الصمود بفضل:
احتياطي نقدي يفوق 40 مليار دولار
ودائع خليجية مجددة تتخطى 25 مليار دولار
دعم من صندوق النقد الدولي
مرونة في السياسات النقدية وسعر الصرف
د. محمد عبد الهادي: كارثة اقتصادية تلوح في الأفق
وصف د. محمد عيد الهادي، خبير أسواق المال، الضربة الإيرانية بأنها "كارثة سياسية واقتصادية"، محذرًا من موجة تضخمية عالمية جديدة واضطراب واسع في الأسواق.
وقال في تصريح لـ"نيوز رووم"، أن هذه الضربة ستدفع الولايات المتحدة إلى تصعيد إضافي، وقد يتسع نطاق الاشتباك ليشمل الأراضي القطرية ذاتها، ما يعني مخاطر مباشرة على مصادر الطاقة العالمية."
سبعة آثار اقتصادية كارثية حسب د. الهادي:
1. ارتفاع أسعار النفط إلى 120 دولارًا
2. شلل سلاسل الإمداد والتوزيع
3. موجة تضخمية عالمية تفوق كورونا وأوكرانيا
4. إغلاق محتمل لمضيق هرمز وتعطّل الطاقة
5. توقف حركة الطيران وتراجع السياحة الدولية
6. تراجع ثقة المستثمرين وهروب رؤوس الأموال
7. انهيارات متوقعة في أسواق الأسهم العالمية، إذا تحوّل التصعيد الحالي إلى حرب شاملة أو تعطّلت الملاحة، فإن العالم سيدخل مرحلة اقتصادية شديدة القسوة"، بحسب تعبيره.
توصيات لحماية الاقتصاد المصري
يرى الخبراء ضرورة اتخاذ إجراءات فورية، منها:
رفع مخصصات بند الطوارئ في الموازنة الجديدة
تسريع خطط تنمية موارد الطاقة المحلية وخفض الاعتماد على الواردات
تعزيز التعاون الاقتصادي مع الخليج لتأمين التدفقات
مراقبة التحركات الجيوسياسية وتأثيرها على السوق بشكل يومي
من الدوحة إلى القاهرة، ومن قاعدة العديد إلى قناة السويس، تثبت هذه الضربة أن الحروب الحديثة لا تُقاس فقط بالصواريخ، بل تنعكس أيضًا في أسعار النفط، وحركة البورصات، وتكاليف المعيشة حول العالم.
وبين تصعيد وتهدئة، يبقى الاقتصاد العالمي على حافة الانفجار... والرهان الآن على الدبلوماسية قبل أن تشتعل الأسواق والنفوس.