تحذيرات من تراجع إنتاج مصر النفطي 26% بحلول 2030

كشف تقرير صادر عن مؤسسة "جلوبال إنرجي إنسايت" أن إنتاج مصر من النفط الخام مرشّح للانخفاض بنسبة 26% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2023، في حال استمرار الاتجاه الحالي لتراجع معدلات الإنتاج من الحقول التقليدية، وعدم تعويضه باكتشافات كبرى أو توسع سريع في تقنيات تعزيز الإنتاج.
ضعف الاستثمارات وتناقص العوائد
وبحسب التقرير، فإن التحدي الأبرز يتمثل في الشيخوخة المتسارعة للحقول المنتجة، خصوصًا في خليج السويس، التي تمثل أكثر من 40% من الإنتاج المحلي. ويشير التقرير إلى أن العوائد الاقتصادية لمشروعات الاستخراج أصبحت غير مجدية لبعض الشركات، في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل، وهو ما تسبب في خروج عدد من المستثمرين أو تقليص نشاطهم.
كما أن غياب المرونة في عقود تقاسم الإنتاج، وتأخر سداد مستحقات الشركاء الأجانب، تسببا في عزوف عدد من الشركات الكبرى عن التوسع في استكشاف مناطق جديدة، خصوصًا في الصحراء الغربية والمياه العميقة.
استهلاك أكثر من الإنتاج
وفي تصريح لـ"نيوز رووم"، حذّر الدكتور محمد حليوة، خبير الطاقة وصناعة البترول، من خطورة استمرار التراجع في الإنتاج المحلي، قائلًا: "مصر تسير بسرعة نحو فجوة نفطية، إذ أصبحنا نستهلك أكثر مما ننتج، ومع ارتفاع الطلب المحلي خاصة من قطاع النقل والصناعة، قد نجد أنفسنا مضطرين لاستيراد كميات أكبر من الخام أو المشتقات، ما يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على الدولة في ظل سعر صرف غير مستقر".
فجوة بين الاستهلاك والإنتاج
وأوضح حليوة أن الإنتاج اليومي من الخام في مصر يتراوح حاليًا بين 560 إلى 580 ألف برميل يوميًا، بينما يتجاوز الاستهلاك المحلي حاجز 700 ألف برميل يوميًا، وهو ما يفرض ضغوطًا على الميزان التجاري للطاقة.
وأضاف أن ، "الحل لا يكمن فقط في التنقيب، بل في تغيير هيكل العقود، وإعادة النظر في النظام المالي المعمول به مع الشركاء الأجانب، وتقديم حوافز ضريبية وتشريعية حقيقية".
التركيز على الغاز
من جهتها، ركزت الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة على تطوير قطاع الغاز الطبيعي، خاصة بعد اكتشاف حقل ظهر، بينما تراجع الاهتمام النسبي بملف النفط، ما انعكس على ضعف الاستثمارات الموجهة للبحث والاستكشاف النفطي.
وفي هذا السياق، دعا التقرير الدولي إلى:
- تسريع تطوير الحقول المتقادمة من خلال تقنيات الاستخراج المعزز (EOR).
- مناطق استكشاف جديدة مثل منطقة البحر الأحمر وامتدادات الدلتا البحرية.
- إعادة هيكلة الدعم والضرائب لجذب الشركات الخاصة.
- تحسين كفاءة التكرير المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات.
تأثيرات متوقعة على السوق المحلي
تراجع الإنتاج قد يؤدي إلى:
- زيادة فاتورة الاستيراد، خصوصًا مع ارتفاع أسعار النفط عالميًا.
- ضغط على احتياطي النقد الأجنبي.
- زيادة مخصصات دعم الطاقة في الموازنة.
- تباطؤ الصناعات المرتبطة بالنفط مثل البتروكيماويات والتكرير.
ويؤكد محللون أن الحل يكمن في تبني استراتيجية وطنية شاملة للطاقة، تضمن التوازن بين الغاز والنفط، وتحفز استدامة الإنتاج عبر الاستثمار والابتكار، وليس فقط الاعتماد على الاكتشافات العرضية.