عاجل

في خطوات يبدو عليها وهن البنيان، وعيون لامعة تكسوها دموع متحجرة، ونظرات استعطاف ترجو طعاما ليس أكثر، مد يده وفتح وعاءه راجيا قوته وقوت أطفاله، لم يحمل سلاحا ولا حجرا، مستسلما مسالما لا يريد إلا طعاما، ووسط صراع الجوع وصرخات النساء، وأنين الأطفال، انهال عليهم الرصاص من حيث لا يعلمون، حاصرهم القتل بالرصاص إلى جانب القتل جوعا، فتحول طعام المساعدات إلى طعام الموت.

ووسط تلك المشهد، لم يتخيل الصهاينة يوما أن يكونوا مثل أهالي غزة الشرفاء، لم يتصور كبيرهم أو صغيرهم أنهم سيجرون حفاة عراة في الشوارع هربا إلى الملاجئ؛ خوفا من مقذوفات وصواريخ تودي بحياتهم "إن شاء الله"، تشتتت أفكارهم وتغيرت تصوراتهم حول العقيدة التي حاولوا كثيرا ترسيخها في عقول أبنائهم، أنهم شعب الله المختار، وأنهم أكثر البلدان أمنا وأمانا رغم ما يحيط بهم من أعداء.

تلك المشاهد التي تأتينا من هناك وهم يهرولون في الشوارع، أو تلك المباني الشاهقة التي أصابتها صواريخ إيران فأصبحت مجرد حطام وركام لا يسكنه بشر ولا يطيقه أحد، تلك المشاهد ليست غريبة عنهم بل يرونها كل يوم تحدث إلى جوارهم في غزة، يشاهدون الأطفال والنساء يقتلون يوميا في فلسطين ولا يكترثون لذلك ولكن عندما انتقل المشهد إلى مبانيهم وأطفالهم ونسائهم صرخوا واستنجدوا بدول العالم مدعين المظلومية كعادتهم.

لكن عجبا للدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، صرخات إسرائيل وصلت إليهم أسرع مما نتخيل، لم يطيقوا الضرر ساعة لبني صهيون، فتحركت أبواقهم الإعلامية ورجال دبلوماسيتهم بل بعضهم تحركت أسلحتهم لنصرة إسرائيل وشعبها، مدعين أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد هذا العدوان سواء كان من حماس أو إيران متناسين أن إسرائيل تحصد ما زرعت من عدوان في المنطقة بلا رادع أو حساب.

العالم الذي شهد حرب غزة، وسمع صرخات الأطفال يقتلون تحت أنقاض المباني التي قصفتها إسرائيل، وشهد الرجال والنساء وهم يقتلون خلال تسليم المساعدات وصم آذانه وغض بصره عن كل تلك المشاهد لكنه كان مستعدا للقتال من أجل إسرائيل فتبا لكم.

الحقيقة أن إسرائيل بارعة في ادعاء المظلومية ولكن الطامة الكبرى أن دول العالم تساندها رغم أنهم يعرفون جيدا أنها دولة قاتلة، العالم يرى العدوان يبدأ من إسرائيل ومع ذلك يساندونها، فليت سيادة شعوبنا وأمنها مثل سيادة إسرائيل وأمن شعبها.

تم نسخ الرابط