نيوز رووم يكشف فوضى توزيع أسطوانات البوتاجاز في «بوتاجاسكو»

رغم الأعباء المالية الضخمة التي تتحملها الدولة لتوفير أسطوانة البوتاجاز للمواطن بسعر مدعوم، تكشف المستندات والشكاوى عن أن منظومة التوزيع الرسمية في شركة «بوتاجاسكو» تحوّلت إلى ثغرة واسعة لإهدار الدعم، وتحقيق أرباح غير مشروعة، وسط صمت إداري ورقابي مقلق.
 

تحقيق «نيوز رووم»  تتبع – بالأدلة – كيف تتحول الأسطوانة المدعومة إلى سلعة تباع في السوق السوداء بعقود غير معلنة وأسعار مضاعفة، بينما يظل المواطن هو الخاسر الأول.

الشكوى تبدأ من المواطن: "الأسطوانة مش بتيجي والسعر بيزيد"

في مستند رسمي صادر عن مديرية تموين القاهرة، وردت شكاوى متعددة من المواطنين حول:

تأخر توصيل الأسطوانات المنزلية

بيعها بأسعار أعلى من السعر الرسمي

غياب نظام إلكتروني لتسجيل الطلبات

طالبت المديرية شركة بوتاجاسكو بتصحيح الوضع وضبط التوزيع والالتزام بالتسعيرة الرسمية، لكن استمرار الشكاوى أثار الشبهات حول وجود خلل أعمق ممنهج داخل منظومة التوزيع.

مخالفات موثقة.. وتحقيقات مغلقة

وفقًا لخطاب صادر من الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية، جرى تسجيل مخالفات جسيمة في نشاط نقل وتوزيع البوتاجاز، تورّطت فيها شركات وأفراد، وتم توثيق أرقام المركبات وأنواع التجاوزات.

ورغم أن الوقائع موثقة، لم يتم إعلان نتائج التحقيقات، ولم يُكشف عن أي إحالات للمسؤولين، ما يعكس حالة من التعتيم الإداري ويطرح علامات استفهام بشأن غياب المحاسبة.

طلب رقابي عاجل: من استلم كميات البوتاجاز؟

في تصعيد ملحوظ، طلبت جهة رقابية رسمية بيانًا مفصلًا من شركة بتروجاس حول كميات البوتاجاز المنصرفة من مخازن بوتاجاسكو خلال شهري أبريل ومايو 2023، مع تحديد أسماء الجهات المستلمة.

يشير هذا التحرك إلى وجود اشتباه قوي بتسريب الدعم أو تسليمه إلى جهات غير مصرح لها.

العقود السرية.. وتجار السوق السوداء

وفقًا لشهادات داخلية حصلت عليها «نيوز رووم»:

تُسلَّم كميات كبيرة من الأسطوانات لأطراف لا تعمل ضمن النظام الرسمي

يُعاد بيعها بأسعار تصل إلى 300 جنيه للأسطوانة المنزلية

وفي بعض المناطق، تُباع الأسطوانة التجارية بـ أكثر من 500 جنيه

ما يعني أن الدعم الحكومي لا يصل للمواطن، بل يتحول إلى أرباح غير مشروعة لتجار السوق السوداء.

مستند يكشف السعر الحقيقي.. وأين يذهب الفارق؟

وقد حصلت نيوز رووم على مستند رسمي يثبت أن السعر الحقيقي لتسليم الأسطوانة من شركة بتروجاس إلى بوتاجاسكو هو 192.31 جنيه، بينما تباع الأسطوانة بـ 210 جنيهات، ما يعني وجود هامش ربح يصل إلى 35 جنيهًا.

لكن ما يتم فعليًا – بحسب مصادر داخلية – هو تحقيق أرباح أكبر لا تُسجَّل في الميزانية الرسمية، ما يفتح باب التساؤل:

هل فارق السعر يدخل خزينة الشركة أم يُوزَّع خارج الأطر القانونية؟

وهل بيع حصة الشركة لتجار السوق السوداء – تحت مسمى "مقاولي نقل" – يتم بموافقة الجهات الرقابية؟

أزمة داخلية.. وصمت إداري

يؤكد عدد من العاملين بالشركة، طالبين عدم ذكر أسمائهم، وجود تعليمات غير مكتوبة ببيع الأسطوانة بأعلى من السعر الرسمي، وتهديدات بـ الفصل أو النقل لمن يعترض.

وتحدث الموظفون عن تجاهل تام للشكاوى، وهيمنة المحسوبية على التعيينات، ما جعل المناخ الإداري عاجزًا عن مواجهة الانحرافات المتزايدة.

دعم الدولة يُباع.. والمواطن هو الضحية

التحقيق يطرح أسئلة جوهرية

هل تتحول الشركات الحكومية من أدوات لدعم المواطن إلى بوابات لتسريب المال العام؟

أين تذهب الأرباح غير المحسوبة؟

ولماذا تصمت الجهات الرقابية رغم امتلاكها مستندات دامغة؟

وأين موقف وزارة البترول من هذا الملف بالغ الخطورة؟