سماحة الإسلام والتيسير في رمضان: أحكام الصيام للمرضى بين الرخصة والالتزام (فيديو)

يُعد التيسير والتخفيف عن المسلمين من أبرز مظاهر سماحة الإسلام، وخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث راعى الشرع الحنيف أحوال المرضى وكبار السن، وأجاز لهم الإفطار إذا كان الصيام يشكل مشقة عليهم.
الشريعة الإسلامية
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمود صديق، الأستاذ بكلية الطب ونائب رئيس جامعة الأزهر، أن الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير وعدم تحميل الإنسان ما لا يطيق، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى جعل رفع الحرج مبدأً أساسيًا في التشريع، خاصة فيما يتعلق بالصيام.
وأوضح الدكتور صديق، خلال استضافته في برنامج "صحتك في رمضان" المذاع على قناة "الناس" اليوم الأحد، أن القرآن الكريم جاء واضحًا في مسألة إفطار المرضى، حيث وردت رخصة الإفطار في آيتين متتاليتين، مما يدل على تأكيد الشريعة الإسلامية، على ضرورة مراعاة صحة الإنسان وعدم تعريضه للخطر. وأضاف أن المرضى الذين قد يتأثرون سلبًا بالصيام لهم رخصة الإفطار، بل قد يصبح الإفطار واجبًا عليهم إذا كان الصيام يهدد حياتهم أو يفاقم حالتهم الصحية.
الصيام والحالات المرضية
وأشار الدكتور محمود صديق إلى أن هناك بعض الحالات المرضية التي تحتاج إلى عناية خاصة فيما يتعلق بالصيام، مثل الأمراض النفسية ومرض الزهايمر، حيث قد يجد أهل المريض أنفسهم في حيرة حول وجوب الصيام عليه.
وبالنسبة للمرضى النفسيين، أوضح أن بعضهم يعتمد على أدوية تُؤخذ في مواعيد محددة خلال اليوم، وهو ما قد يتعارض مع الصيام. فإذا كان المريض بحاجة إلى تناول علاجه في أوقات محددة ولا يستطيع تأجيلها إلى وقت الإفطار، فإن الصيام قد لا يكون ممكنًا له، وهنا يرخص له بالإفطار حرصًا على صحته واستقراره النفسي.
أما مرضى الزهايمر، فقد أكد الدكتور محمود صديق أنه إذا بلغ المريض مرحلة فقدان الإدراك الكامل ولم يعد قادرًا على تذكر تفاصيل حياته أو أداء الشعائر الدينية، فإنه لا يُكلف بالصيام أو الصلاة، ولا يُطالب بالقضاء، وذلك استنادًا إلى القاعدة الشرعية "رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق".

المرضى في رمضان
ونبّه الدكتور صديق إلى ضرورة أن يكون أهل المرضى أكثر تفهمًا لحالتهم الصحية وعدم التشديد عليهم في مسألة الصيام، لافتًا إلى أن بعض الأسر قد تلزم المريض بالصيام دون النظر إلى تأثير ذلك على صحته، وهو أمر يتنافى مع تعاليم الإسلام التي جاءت رحمةً بالعباد.
كما شدد على أهمية استشارة الأطباء المتخصصين لمعرفة ما إذا كان المريض قادرًا على الصيام أم أن الإفطار هو الأفضل له.
وفي ختام حديثه، أكد نائب رئيس جامعة الأزهر أن الإسلام دين رحمة ويسر، لا تعقيد فيه ولا مشقة، وأن التخفيف عن المرضى في شهر رمضان ليس تهاونًا في العبادة، بل هو التزام بتعاليم الدين التي تأمر بالمحافظة على النفس، مشددًا على ضرورة نشر الوعي بين الناس حول الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام، حتى يؤدي المسلم عباداته بطمأنينة وراحة دون أن يضر بصحته.