من الخليج إلى العالم .. كيف يهدد إغلاق مضيق هرمز الاقتصاد الدولى ؟

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الخليج، عاد مضيق هرمز، إلى واجهة المشهد العالمي باعتباره أحد أخطر النقاط الاستراتيجية في تجارة الطاقة العالمية. فإغلاق هذا الممر الحيوي، حتى لو كان مؤقتًا، كفيل بإحداث زلزال اقتصادي تتردد أصداؤه من العواصم الخليجية إلى الأسواق العالمية.
الممر الأخطر في العالم
يعد مضيق هرمز، الشريان الأساسي لتصدير النفط في العالم، إذ تمر عبره يوميًا ما بين 17 إلى 18 مليون برميل من النفط الخام، أي نحو 20% من إمدادات السوق العالمية. ويعتمد على هذا المضيق دول كبرى في الخليج مثل السعودية، الإمارات، الكويت، العراق، وقطر، لتصدير نفطها وغازها إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية.
صدمة نفطية تلوح في الأفق
تشير تقديرات مصرف "جي بي مورجان" إلى أن أي تعطيل جزئي للمضيق قد يرفع أسعار النفط إلى ما فوق 150 دولارًا للبرميل، بينما يرى "جولدمان ساكس" أن الإغلاق الكامل قد يُحدث صدمة غير مسبوقة في السوق منذ حرب الخليج الأولى. مثل هذه القفزات في الأسعار ستؤثر فورًا على تكلفة النقل والإنتاج، ما يؤدي إلى موجة تضخم عالمي جديدة.
تضخم عالمي... وركود محتمل
ارتفاع أسعار الوقود سيؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة في مختلف دول العالم، خاصة الدول الصناعية الكبرى التي تعتمد على الاستيراد. كما ستتأثر سلاسل الإمداد، وترتفع أسعار الغذاء، مما يُفاقم من التحديات الاقتصادية القائمة بعد جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
الخليج يدفع الثمن رغم الثروة
ورغم أن الدول المنتجة للنفط قد تحقق إيرادات أعلى نظريًا، إلا أن عدم قدرتها على تصدير الخام عبر المضيق سيؤدي إلى خسائر كبيرة ، البدائل الحالية، مثل خط أنابيب "شرق–غرب" في السعودية، لا تملك القدرة على استيعاب كامل الصادرات الخليجية، مما يجعل الأثر المالي مباشرًا وفوريًا.
التأثير على مصر والمنطقة
على الصعيد المصري، أى ارتفاع في أسعار البترول يعني زيادة مباشرة في فاتورة الاستيراد، ما يضغط على الموازنة العامة ويزيد من أعباء الدعم ، كما أن مصر، رغم أنها ليست طرفًا مباشرًا، قد تواجه آثارًا غير مباشرة من خلال اضطرابات في حركة الملاحة العالمية وأسواق الصرف وأسعار الغذاء.
وقال أحمد جمال الدين، خبير الاقتصاد الدولي، أن إغلاق مضيق هرمز لا يعني فقط أزمة نفطية، بل هو زلزال اقتصادي سيضرب أسواق المال والطاقة حول العالم، نحن نتحدث عن ممر يُنقل عبره ما يقرب من خمس احتياجات العالم من النفط، وبالتالي فإن أي اضطراب في حركة الملاحة به سيؤدي إلى قفزات حادة في أسعار الخام، وتضخم مستورد في اقتصادات كبرى مثل الاتحاد الأوروبي، والصين، وحتى الدول النامية التي تعتمد على الاستيراد.
وأضاف جمال الدين، في تصريح خاص لـ “نيوز رووم ” على المستوى الإقليمي، دول الخليج ستكون في موقف معقد ارتفاع الأسعار قد يُحقق أرباحًا على الورق، لكن في الواقع سيُواجهون صعوبات في التصدير وتعطل سلاسل الإمداد.
بالنسبة لمصر، فإن أي ارتفاع كبير في أسعار النفط سيؤدي إلى زيادة أعباء الاستيراد، ما قد ينعكس على أسعار السلع الأساسية، ويزيد من الضغوط على الموازنة والدعم. السيناريو الأسوأ أن يتزامن ذلك مع اضطرابات في قناة السويس، ما قد يُدخل المنطقة كلها في حالة من عدم اليقين الاقتصادي."، مؤكدا أنه في ظل التصعيد الحالي، تبدو المنطقة على شفا أزمة طاقة جديدة، فيما تحبس الأسواق أنفاسها ترقبًا لأي تطور في مضيق هرمز. وبين تهديدات الإغلاق ونداءات التهدئة، يبقى الأمن البحري في الخليج مفتاحًا لأمن الاقتصاد العالمي بأسره.