مفاعل ديمونة بين التهديد بالقصف ومخاطر التسريب الإشعاعي على مصر ودول المنطقة

في ظل تصاعدت المخاوف من احتمالية توجيه ضربة إيرانية لمفاعل ديمونة النووي في إسرائيل ، كرد على الحرب الإسرائيلية الأمريكية الدائرة منذ نحو 10 أيام، والتي بلغت ذروتها فجر اليوم الأحد بعد استهداف القوات الأمريكية لمنشآت إيران النووية في نطنز وفوردو وأصفهان.
وتتزايد المخاوف في مصر من التهديدات المتبادلة بين كل من إسرائيل وإيران حول ضرب المفاعلات النووية في كلا البلدين وتأثيرها على القاهرة، فهل ستتأثر مصر بالتسرب الإشعاعي في حال ضرب المفاعلات النووية في إيران أو إسرائيل؟
ويشير الخبراء إلى أنه إنه في حال بادرت إسرائيل بضرب المفاعلات النووية في طهران فإن مصر ستكون محمية بفضل موقعها الجغرافي ولن يصل أي تسريب إشعاعي إليها نظرا لبعد المسافة بينها وبين إيران.

"أما في حالة استهداف إيران للمفاعل النووي لإسرائيل فسوف تتأثر البيئة المحيطة بشكل كامل وليس مصر فقط"، مشيرا إلى أن "الرياح في مصر شمالية شرقية وشمالية غربية بمعنى أنها لا تأتي من الجانب الإسرائيلي لذلك لن يكون لها تأثير على الزراعات في منطقة سيناء".
مخاطر قصف المنشآت النووية
ويرجح العلماء أن تكون المخاطر الناجمة عن قصف منشآت التخصيب أقل بكثير من تلك الناتجة عن احتمال قصف المفاعلات. ويقولون إن أخطر ما قد يحدث من حيث الإشعاع المؤذي للناس، هو هجوم على مفاعل نووي كمفاعل بوشهر في إيران أو المفاعل الإسرائيلي في ديمونا.
يذكر أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، قد قال يوم الإثنين إن هناك تلوثاً إشعاعياً وكيميائياً في موقع منشأة نطنز للتخصيب التي قصفتها إسرائيل، لكن مستويات الإشعاع خارج الموقع لا تزال طبيعية، وكذلك الأمر بالنسبة للمنشآت الأخرى التي قصفت حتى الآن.
مخاطر انتشار الجزيئات المشعة في الأجواء
فحين تنتشر الجزئيات المشعة في الأجواء نتيجة هجوم أو انفجار في مفاعل نووي، تحمل الرياح هذه الجزئيات وتصبح بمثابة غيمة من الإشعاع، وإذا تساقطت الأمطار، يسقط معها الإشعاع من الغيمة إلى الأرض في مكان سقوط المطر.
يذكر أنه بعد كارثة تشيرنوبل في أوكرانيا عام 1986 – حين كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق– وصلت غيمة إشعاع إلى بريطانيا، ولو أن أضرارها البيئية كانت طفيفة، في حين وصل غيم يحمل إشعاعا مركزا أكثر خطورة إلى منطقة تبعد مئة كيلومتر عن موقع الحادث.
ومع ذلك، يشدد البعض على أن الحوادث النووية التي تشكل خطراً على الناس خارج الموقع النووي نادرة.

ما مدى الأمان في مفاعل ديمونة؟ وكيف تتم حمايته وتحصينه؟
كما أشارت تقارير صحفية إلى أن أي استهداف عسكري إيراني لمفاعل ديمونة الإسرائيلي، آثاره الإشعاعية على مصر ستعتمد على اتجاه الرياح. و من الممكن أن يحدث تخفيف لمستوى الإشعاع قبل وصوله للحدود المصرية.
ويعد مفاعل ديمونة الذي شيدته إسرائيل بمساعدة فرنسية في منطقة النقب الصحراوية (جنوب) خلال حقبة الستينيات من القرن الماضي، أشهر المفاعلات النووية الإسرائيلية.
وقد دفعت الأحداث الأخيرة المراسل السياسي للقناة 12 الإسرائيلية نير دفوري للسؤال عن مدى الأمان في مفاعل ديمونة؟ وكيف تتم حمايته وتحصينه؟ مؤكدا أن إسرائيل لن تكون قادرة على التعامل مع العواقب في حال تعرض المفاعل للهجوم.
إلى جانب منظومات الدفاعية الجوية والبرية المنتشرة بمحيط المنشأة النووية، تجري قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي مناورات سنوية تحاكي تعرض مفاعل ديمونة لهجوم صاروخي أو حدوث خلل بالمفاعل، وخلال المناورات يطور الجيش ويبتكر طرقا لحماية المفاعلات النووية الإسرائيلية من الهجمات الإلكترونية التي يشرف عليها قسم التدريب السيبراني بشعبة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالجيش الإسرائيلي.
وتتكم وسائل الإعلام الإسرائيلية بأوامر من الرقابة العسكرية على الحديث عن كيفية صيانة ومعالجة المنشآت الحساسة والمتقادمة، وحتى نوعية وطبيعة الأضرار والدمار الذي قد يسببها أي انفجار أو حادث بمفاعل ديمونة.
في العقد الأخير، وفقا لصحيفة "هآرتس"، تم إجراء تحديثات كبيرة للمفاعل بهدف إطالة عمر أنظمته، ولكن في العقود التي سبقت التجديد، وقعت سلسلة من الأعطال والحوادث في حرم الأبحاث النووية، إذ يدور الحديث عن العشرات من الأعطال والحوادث التي حدثت على مر السنين، وتمحورت حول الانبعاثات المشعة من نظام التهوية، والأعطال المسجلة في المختبرات، والتلوث الشديد في نظام البخار، بالإضافة إلى ذلك، تسبب تسرب النفايات السائلة المشعة الواقعة في برك الصرف بالقرب من الطريق الرئيسي في تلوث المنطقة.
ماذا يحدث إذا تم تفجير مفاعل ديمونة؟
وأشارت تقارير في صحف عبرية إلى أن أي حادث أو تسريب أو تفجير بمفاعل ديمونة من شأنه أن يصل حجم ودائرة الأضرار من النقب حتى تل أبيب، وهي منطقة يقطنها نحو 5 ملايين إسرائيلي، بالإضافة إلى الضفة الغربية ومن شأنه الإشعاعات أن تصل حتى مشارف قبرص والأردن كذلك".
ووفقا لما كشف عنه مردخاي فعنونو، الذي عمل خبيرا نوويا في مفاعل ديمونة من عام 1976 وحتى عام 1985، في صحيفة "صنداي تايمز"، فإن قوة المفاعل النووي الإسرائيلي تبلغ حوالي 24 ميغاواتا، وهي ليست كبيرة، لكنها كافية لإنتاج 10 قنابل نووية في السنة.
