مجلس الشيوخ يوافق على توصيات تطوير كليات التربية وإحالتها للحكومة

وافق مجلس الشيوخ، خلال جلسته العامة التي عُقدت برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، على تقرير لجنة التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشأن دراسة مقدمة من النائبتين هبة مكرم شاروبيم ورشا أحمد مهدي، بعنوان "كليات التربية في جمهورية مصر العربية بين الواقع والمأمول"، وأحال المجلس التقرير إلى الحكومة لتنفيذ ما جاء به من توصيات.
تحديات وفجوات في إعداد المعلم
استعرضت النائبة هبة شاروبيم، خلال الجلسة التي حضرها الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي، تقرير اللجنة. وأكدت أن هناك فجوة كبيرة بين واقع كليات التربية الحالي ومتطلبات إعداد المعلم، خاصة في ظل التحولات العالمية واحتياجات سوق العمل المحلي والدولي.
وأشارت النائبة إلى أن العديد من كليات التربية في مصر تواجه تحديات متعددة، أبرزها:
* ضعف التكامل بين الجوانب النظرية والتطبيقية في برامج إعداد المعلمين.
* انفصال المناهج عن احتياجات المجتمع ومتطلبات سوق العمل.
* قصور في برامج التدريب العملي، مما يؤدي إلى تخرج معلمين يفتقرون للخبرة الميدانية.
* ضعف برامج التنمية المهنية المستدامة للخريجين والمعلمين العاملين.
* تفاوت كبير في جودة الأداء بين الكليات، وغياب آليات التقييم المستمر.
وشددت عضو لجنة التعليم بمجلس الشيوخ على أن إصلاح كليات التربية يمثل مدخلاً حيويًا لأي مشروع قومي للنهوض بالتعليم في مصر، نظرًا لأن المعلم هو حجر الزاوية في بناء الإنسان وصياغة الوعي المجتمعي.
توصيات رئيسية لتطوير كليات التربية
كشفت الدراسة، التي استندت إلى تحليل تجارب جامعات عالمية مرموقة مثل ميتشيجان وستانفورد وأكسفورد، عن عدد من التوصيات الهامة لتطوير كليات التربية في مصر، منها:
* تطوير المناهج الدراسية لتتواكب مع الاتجاهات التربوية الحديثة وتدمج بين المعرفة الأكاديمية والتطبيق العملي، مع التركيز على مهارات القرن الحادي والعشرين مثل الابتكار والتفكير النقدي والعمل الجماعي.
* إعادة هيكلة برامج إعداد المعلم لتصبح أكثر مرونة وشمولاً، وتبنى على نظام الساعات المعتمدة، مع إتاحة مسارات تخصصية متنوعة تلبي احتياجات التعليم الأساسي والثانوي.
* ضرورة وجود رؤية واضحة لإعادة هيكلة كليات التربية في مصر.
* التوصية بإنشاء مجلس وطني لإعداد المعلم يتولى التنسيق بين وزارات التعليم، والتعليم العالي، ونقابة المعلمين والجهات ذات الصلة، لضمان رسم سياسات موحدة ومتكاملة لإعداد المعلمين وتطويرهم المهني.
* تولي كليات التربية مسؤولية تقديم برامج التنمية المهنية المستدامة للمعلمين، وأن تكون الجهة المختصة بإصدار وتجديد رخص مزاولة المهنة بناءً على معايير أداء واضحة.
* تشكيل لجنة من قبل قطاع الدراسات التربوية بالمجلس الأعلى للجامعات، لعمل مسح ومراجعة دقيقة لجميع كليات التربية بأقسامها وشعبها المختلفة، لتفادي التكرار أو التنافس بين الأقسام والشعب المتداخلة داخل نفس الكلية، أو تلك التي تتقاطع اختصاصاتها مع نظيراتها من الأقسام في الكليات الأخرى.
مقترحات لتطوير مسارات الدراسة في كليات التربية
اقترحت الدراسة، فيما يخص إنشاء كليات تربية جديدة، أن تقتصر على النمط التتابعي، وتسمى "كليات التربية للدراسات العليا التربوية والتدريب". وبالتالي، تقدم هذه الكليات برامج دراسات عليا متخصصة، أو تتبنى نماذج برامج تكاملية بالتعاون مع كليات أخرى، بما يدمج البعد الأكاديمي مع التربوي. ويكون سير الدراسة فيها وفق ثلاثة مسارات:
* الدبلوم العام التربوي (عام / عامان): يستهدف خريجي الجامعات من التخصصات المختلفة، ويتضمن عامًا أولاً للدراسة النظرية، وعامًا ثانيًا للتدريب الميداني داخل المدارس.
* الدبلومات المهنية والخاصة تمهيدي (ماجستير): تخصص للباحثين عن التطوير المهني والانتقال للماجستير.
* مسار الماجستير والدكتوراه: يستمر كما هو في كافة فروع التربية.
أما بالنسبة لكليات التربية القائمة، فقد اقترحت الدراسة ألا تقبل طلابًا من الثانوية العامة، وأن تقتصر الدراسة بها، على غرار جامعة ستانفورد الأمريكية أو جامعة القاهرة، على مجال الدراسات العليا، أي أن تتبع النمط التتابعي. كما تصبح هذه الكليات مقرًا لما له علاقة بالتدريب والاستشارات الخاصة بكل ما يرتبط بإعداد المعلم، بمعنى آخر تكون هي الجهة المعنية بتقديم التنمية المهنية للمعلمين ومنح رخص مزاولة المهنة.
وأكدت أنه في هذه الحالة، إذا ما قررت أي من كليات التربية أن تتحول إلى دراسات عليا فقط، يمكن أن تضع فترة زمنية انتقالية تتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات لتوفيق أوضاعها، لمحاولة الانتهاء من اللوائح القديمة، ومنها اللائحة الموحدة التي بدأ تطبيقها في العام الأكاديمي 2023-2024، ومن المتوقع بحلول عامين أن تتخرج أولى الدفعات التي درست بهذا النظام.
رؤية مستقبلية نحو معلم قائد للتغيير
شددت عضو لجنة التعليم بمجلس الشيوخ على أهمية تفعيل هذا الملف عبر تنسيق الجهود بين الوزارات المعنية والجامعات والمجتمع المدني، بما يضمن تحقيق نقلة نوعية حقيقية في أداء كليات التربية، وتأهيل معلم قادر على قيادة التغيير، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 التي تضع التعليم في قلب عملية التنمية المستدامة.