عاجل

الإبادة في غزة والسلطة السياسية بالعراق وإيران الأبرز بـ"دوريات سياسية"

غلاف الدورية
غلاف الدورية

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الحادي والسبعون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية"، التي تعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كل شهرين. تضمّن العدد مجموعة من الدراسات التي تناولت قضايا سياسية متنوّعة، من بينها: السلطة السياسية في العراق وإيران، والشعبوية في مصر وتونس، والدفاع الهجين للدول الصغيرة، وتنامي ظاهرة العسكرة في السودان، والإبادة الثقافية في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إضافة إلى ترجمة، وتوثيق لأهم محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأبرز محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، ومراجعة كتاب.

أبرز الموضوعات في "سياسات عربية"

يناقش حارث حسن، في دراسته بعنوان "صعود المرجعية ما بعد التقليدية: السلطة السياسية بين نظام ولاية الفقيه في إيران والمؤسسة الدينية الشيعية في العراق"، العلاقة والتنافس بين السلطة السياسية في إيران التي يقودها الوليّ الفقيه، علي خامنئي، والسلطة الدينية في النجف التي يقودها المرجع الأعلى، علي السيستاني. ويجادل بأن تحوّلات المرجعية الشيعية تجاوزت ثنائية التسييس والحياد، مقترحًا نموذجًا ثالثًا يتمثل في "المرجعية ما بعد التقليدية"، التي تمارس دورًا سياسيًا مؤثرًا من خارج البنية الدستورية الرسمية، وتحظى باعتراف ضمني بمكانتها. ويخلص إلى أن التفاعل بين النجف ونظام ولاية الفقيه أفضى إلى نشوء منظومة هجينة، تتعايش فيها الدولة مع وجود مرجعية دينية قوية، في سياق تظلّ فيه هذه العلاقة مفتوحة على تحوّلات مستمرة في العلاقة بين الديني والسياسي.

ويجادل عمر عاشور، في دراسته بعنوان "الدفاع الهجين للدول الصغيرة: دروس وتداعيات استراتيجية من أوكرانيا وغزة (2014-2024)"، بأنّ التفوق العددي والتقني لا يعني بالضرورة حسم المعركة؛ إذ تكشف الحروب اللامتناظرة الحديثة عن تآكل الحتمية العسكرية الكلاسيكية، وظهور أنماط قتالية جديدة تمكّن القوى الصغيرة من الصمود، بل تحقيق مكاسب ميدانية، إذا ما أحسنت توظيف بيئتها العملياتية والتكنولوجية والموارد المحدودة المتاحة لها. ويرى أن ما يطلق عليه "الدفاع الهجين" يمثّل نموذجًا صاعدًا، يزاوج بين تكتيكات الجيوش النظامية وأساليب الفاعلين غير الدولتيين، ويعتمد على مرونة عالية، واستثمار متعدد للمجالات القتالية (البرية، والجوية، والسيبرانية، والمعلوماتية)، بما يتجاوز النموذج التقليدي للحروب. ويبرز ذلك جليًا في اعتماد القوات الأوكرانية على منظومات خفيفة الحركة وتكتيكات مرنة ضد روسيا، وكذلك في اعتماد المقاومة في غزة على بنية تحتية قتالية معقّدة داخل بيئة حضرية كثيفة.

ويكشف باسم الطويسي، في دراسته بعنوان "سياسات ’الإبادة الثقافية العميقة‘ في الحرب الإسرائيلية على غزة: منظور ثقافي – إعلامي"، أن ما يجري في غزة يتجاوز حدود الإبادة الجسدية والمادية، ليشكّل حالة مركّبة من "الإبادة الثقافية العميقة"، التي لا تستهدف تدمير الرموز والآثار فحسب، بل إسكات الرواية الفلسطينية ومحو أثرها من الفضاء الإعلامي والثقافي العالمي أيضًا، عبر منع الضحايا من سرد وقائعهم وتمثيل معاناتهم أمام المجتمع الدولي. ويجادل بأن هذه الإبادة تأخذ طابعًا مزدوجًا: ماديًا، بالتدمير المنهجي للتراث والبنية الثقافية؛ ورمزيًا، بالسيطرة على أدوات السرد والإقناع عبر آليات إعلامية وثقافية. ويخلص إلى أن ما تمارسه إسرائيل في غزة هو انتقال نوعي من الإبادة البطيئة المتواصلة منذ عقود إلى نمط أشد فتكًا وسرعة من الإبادة الثقافية، يعمل على اجتثاث الهوية الفلسطينية من الذاكرة الجماعية والعالمية.

ويسلط بهاء الدين مكاوي، في دراسته بعنوان "تنامي ظاهرة العسكرة في السودان: المظاهر والأسباب والتداعيات"، الضوء على تصاعد نفوذ العسكريين في السياسة السودانية، ويتتبّع مظاهر العسكرة وأسبابها وتداعياتها، إلى جانب جهود القوى المدنية في محاصرة هذه الظاهرة ونتائجها. ويحاجّ بأن الدور السياسي للعسكريين في السودان شهد تصاعدًا مستمرًا؛ ما أدى إلى اتساع ظاهرة العسكرة في مختلف مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وترافق ذلك مع تراجع مطّرد في فرص التحوّل الديمقراطي، بفعل الصراعات الحزبية، وضعف المجتمع المدني، وغياب ثقافة سياسية داعمة للديمقراطية. ويخلص إلى أن الحدّ من تغوّل العسكريين في الحياة السياسية يتطلّب توافقًا وطنيًا بين القوى المدنية والعسكرية على مشروع شامل، وإصلاحًا داخليًا يشمل تقوية الأحزاب، وتمكين المجتمع المدني، وترسيخ ثقافة الديمقراطية، وتطوير آليات الرقابة والضبط داخل المؤسسة العسكرية، بما يدعم مسار التحوّل الديمقراطي.

ويبحث مجد أبو عامر، في دراسته بعنوان "مرآة بوجهين: الشعبوية السلطوية والتضليل في مصر وتونس"، مفهوم الشعبوية في ضوء مقارباتها النظرية المتعددة – سواء باعتبارها أيديولوجيا، أو استراتيجية، أو مزاجًا، أو خطابًا - ويحلل علاقتها بالتضليل ضمن الأنظمة السلطوية، من خلال تعريف الشعبوية السلطوية وخصائصها، ودراسة تسييس الأخبار الزائفة بوصفها أداة خطابية. ويجادل بأن الخطاب الشعبوي السلطوي في مصر وتونس يعتمد على أربعة تكتيكات لشرعنة تعطيل المؤسسات وقمع المعارضة، هي: صناعة عدو داخلي لصياغة مفهوم الشعب، ومهاجمة الإعلام والمؤسسات الديمقراطية، وتضخيم الإنجازات لصنع وهم النجاح، وتوظيف السرديات التآمرية لتبرير الإخفاق. ويخلص إلى أن التضليل الشعبوي السلطوي لا يقتصر على تبرير الإجراءات القمعية وإقصاء الخصوم، بل يسهم في تقويض الشرعية الديمقراطية نفسها، عبر تشكيل وعي جمعي يفرغ المؤسسات من مضمونها، وينتج ثقافة سياسية تعيد إنتاج السلطوية من داخل المجتمع، كما يتجلّى في دعم قطاعات شعبية لقيادات استولت على السلطة بطرائق غير ديمقراطية، كما في حالتَي مصر وتونس.

ويتضمن باب "دراسة مترجمة" ترجمة عبده موسى البرماوي لدراسة آدم شيفورسكي "من يقرر ما ’الديمقراطي‘؟". أمّا باب "التوثيق" فتضمّن أهم "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي" ووثائقه، و"الوقائع الفلسطينية" في المدة 1 أيلول/ سبتمبر-31 تشرين الأول/ أكتوبر 2024. وفي باب "مراجعات الكتب"، أعدّت ريم السامعي مراجعة لكتاب "التحوّط الاستراتيجي في السياسة الإيرانية تجاه الولايات المتحدة الأميركية" لعلا رفيق منصور وأيمن إبراهيم الدسوقي.

تم نسخ الرابط