عاجل

جولدا مائير من مذكراتها لنتنياهو: لا تستخف بخصمك كما فعلت مع السادات

رئيس الوزراء الإسرائيلي،
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو

في ظل تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بوجوه جديدة ودروس قديمة لم تُستوعب بعد.

 نماذج من سوء التقدير الإسرائيلي لقدرات خصومها

منذ حرب أكتوبر 1973، التي باغتت فيها القوات المصرية الجيش الإسرائيلي بعبور قناة السويس، وحتى الهجمات المتبادلة اليوم بين إيران وإسرائيل، تتكرر نماذج من سوء التقدير الإسرائيلي لقدرات خصومها.

ففي السبعينيات، تجاهلت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير تحذيرات الرئيس المصري أنور السادات، لتتفاجأ بعبور القوات المصرية وتحقيق صدمة عسكرية ونفسية لإسرائيل أطاحت بأسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، واليوم، يتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بارتكاب خطأ مشابه حين لم يتوقع الرد الإيراني القوي على عملية "الأسد الصاعد"، التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية داخل إيران في 13 يونيو 2025.

إيران ترد بـ"الوعد الصادق 3"

إيران ردت بهجوم صاروخي وصفته بـ"الوعد الصادق 3"، مستهدفة مواقع عسكرية ومدنية إسرائيلية، من بينها مستشفى سوروكا في بئر السبع، ما يعكس تطورًا لافتًا في دقة وفعالية القدرات الإيرانية، ورغم تقليل إسرائيل من شأن هذه القدرات، إلا أن ما حدث يُعيد إلى الأذهان مفاجأة أكتوبر، عندما فشلت التقديرات الإسرائيلية في التنبؤ بعبور قناة السويس.

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، كشف مسؤول إيراني أن بلاده غيّرت سياستها الصاروخية، مفضّلة الجودة على الكمية، ومستخدمة صواريخ دقيقة ومتقدمة قادرة على اختراق أنظمة الدفاع الإسرائيلية، بما فيها ثاد، باتريوت، والسهم 3، وعلّق قائلًا: "إسرائيل لا يجب أن تحتفل بانخفاض عدد الصواريخ.. فكل صاروخ الآن يساوي ضربة موجعة".

دروس الماضي تتكرر

اعتراف جولدا مائير في مذكراتها "حياتي"، بأنها أخطأت في قراءة نوايا السادات، يطارد اليوم نتنياهو، الذي وجد نفسه في موقف مشابه، فكما قالت مائير حينها: "لم نأخذ تهديدات السادات بجدية... وفوجئنا بالعبور"، يبدو أن القيادة الإسرائيلية اليوم لم تأخذ تحذيرات إيران بجدية كافية.

وتزداد المفارقة حين نسترجع اعتذار مائير للسادات، قائلة: "أقدم له اعتذاري الرسمي... لقد خدعنا بأسلوبه الهادئ والغامض"، وهو ما يكرره الواقع اليوم بصمت نتنياهو أمام أنقاض مستشفى سوروكا، مع فارق أن صوت الاعتذار هذه المرة قد لا يُقال، بل يُفهم من الصمت والندم.

انقسامات داخلية و"ندم متأخر"

وبينما فرضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية تعتيمًا إعلاميًا على المواقع التي استُهدفت، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع لمظاهرات داخل إسرائيل تحت شعار "أسفون يا إيران"، تدعو لوقف الحرب، وهو ما يُذكّر بالضغوط الشعبية التي واجهتها جولدا مائير بعد نكسة أكتوبر، وانتهت باستقالتها.

وفي فيلم وثائقي عرضته قناة "DMC"، نقل الدكتور إبراهيم البحراوي عن مائير قولها إنها كانت ترى السادات "شخصية هزلية"، يعد بالحرب ولا ينفذ، لتُفاجأ بخدعة كبرى. فهل يتكرر المشهد مع إيران ونتنياهو؟

لا مفاوضات تحت النار

على الصعيد الدبلوماسي، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده ترفض العودة إلى طاولة المفاوضات النووية "تحت النار"، في إشارة إلى الضغوط الأمريكية والإسرائيلية المستمرة، جاء ذلك قبل ساعات من مباحثات جنيف التي كانت مقررة بشأن الملف النووي الإيراني، والتي أصبحت محل شك في ظل التصعيد الميداني.

هل يكرر نتنياهو مصير جولدا مائير؟

في ظل هذا التصعيد، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان نتنياهو سيتحمل تبعات قراراته كما فعلت جولدا مائير، أم أن الدعم الأمريكي سيكون كافيًا لإبقائه في السلطة؟ تبقى الإجابة رهن تطورات المشهد العسكري والسياسي، لكن التاريخ يثبت أن تجاهل قدرات الخصوم كثيرًا ما يقود إلى مفاجآت مؤلمة.

ورغم أن الحرب لم تنتهِ بعد، إلا أن أولى كلماتها كانت كافية لتغيير المعادلة، وإثبات أن إسرائيل، رغم تفوقها التكنولوجي، ليست بمنأى عن الضربات إذا استهانت بالخصم، وكما صرّحت مائير ذات مرة: "الصدمة لم تكن في بداية الحرب فحسب، بل في أننا كنا نعيش في وهم"، فهل يستفيق نتنياهو من الوهم نفسه؟ أم أن التاريخ سيكتب فصلًا جديدًا في سلسلة الأخطاء الإسرائيلية المتكررة؟

تم نسخ الرابط