120 عامًا من التاريخ: قناطر الطليحات تواجه خطر الإهمال والتلوث

في مدخل قرية الطليحات، الواقعة في مركز جهينة شمالي محافظة سوهاج، تقف قناطر الطليحات، أحد أبرز معالم الهندسة المدنية في مصر التي تعود إلى عصر الخديوي إسماعيل. إلا أن هذا الصرح التاريخي العريق الذي يزيد عمره عن 120 عامًا، بات اليوم مهددًا بالإهمال والتعديات البيئية التي تقوض من قيمته التاريخية والجمالية.
تاريخ قناطر الطليحات
تُعد قناطر الطليحات، التي أُنشئت في عهد الخديوي إسماعيل، من بين أقدم وأهم معالم الري في مصر. تتكون القناطر من 16 بوابة ضخمة، يبلغ ارتفاع كل بوابة 8 أمتار، وعرضها يصل إلى 80 مترًا، وكانت تُستخدم لتنظيم تدفق المياه عبر ترعة السوهاحية. ورغم إلغاء الترعة قبل عدة سنوات، لا تزال القناطر تشكل شاهدًا حيًا على الهندسة المعمارية المصرية في القرن التاسع عشر.
على الرغم من التحديات التي تواجهها القناطر اليوم، فإنها لا تزال تحتفظ بمظهرها المعماري الفريد، الذي يعكس التقدم الذي شهدته مصر في مجال الهندسة المدنية والري في تلك الحقبة الزمنية. إنها ليست مجرد بنية تحتية قديمة، بل قطعة من تاريخ مصر الحديث.
الإهمال البيئي والتحديات الحالية
تحولت قناطر الطليحات من معلم تاريخي إلى مكب للنفايات، نتيجة للإهمال الذي طال الموقع على مر السنين. أصبحت المنطقة المحيطة بالقناطر مكانًا لتراكم المخلفات الصلبة، حيث تقوم الوحدة المحلية بإلقاء القمامة في محيط القناطر، مما أسفر عن تكدس النفايات بشكل يؤثر على البيئة المحلية.
وتحولت المياه الراكدة التي تحيط بالقناطر إلى بيئة خصبة لانتشار الحشرات والزواحف، في ظل تلوث المياه وركودها. كما أدى التلوث إلى تحول لون المياه إلى اللون الأخضر نتيجة للمواد العضوية المترسبة في المياه، وهو ما يهدد صحة البيئة والإنسان في المنطقة. هذه التعديات البيئية أدت إلى تدهور حالة الموقع، ما يعرضه لخطر الانهيار في المستقبل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.
في الوقت الذي يعاني فيه المعلم التاريخي من الإهمال، أكدت اللجنة الفنية المتخصصة التي شُكلت من قبل هيئة الآثار ومديرية الري وإدارة المتابعة الميدانية بديوان محافظة سوهاج، أن القناطر لا تزال تحتفظ بسلامتها الإنشائية، مع وجود بعض التلفيات الطفيفة في الدعامات نتيجة إزالة البوابات الحديدية. هذه التلفيات، بحسب اللجنة، يمكن معالجتها من خلال عمليات الترميم التي من شأنها الحفاظ على القناطر كأثر تاريخي مهم.
رؤية الأهالي والمجتمع المحلي:
في ظل الإهمال المستمر، يُعرب أهالي قرية الطليحات عن قلقهم الشديد من فقدان هذا المعلم التاريخي المهم. يطالب الأهالي الجهات المعنية بضرورة توجيه الجهود لحماية القناطر وترميمها، مؤكدين على أن الموقع يمثل جزءًا من تاريخ الري المصري. كما أشاروا إلى أن القناطر، إذا ما تم الحفاظ عليها وتحسين حالتها، يمكن أن تتحول إلى مزار سياحي، ما يعزز من هوية المحافظة ويجذب السياح المحليين والدوليين.
أهمية الترميم والتحول إلى مزار سياحي:
من الممكن أن تصبح قناطر الطليحات نقطة جذب سياحي هامة إذا تم إدراجها ضمن المزارات السياحية لمحافظة سوهاج. هذا التحول سيسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال استقطاب السياح، كما سيوفر فرص عمل للمجتمع المحلي. يمكن للقناطر أن تكون بمثابة رمز للتراث الثقافي والحضاري، يعكس إسهام مصر في تطوير مشروعات الري التي خدمت الزراعة منذ القرن التاسع عشر.