عاجل

من موظف صغير إلى معلم ملهم.. كيف صنع «الزهيري» تاريخ كلية الزراعة؟

محمد حسنين الزهيرى
محمد حسنين الزهيرى

في مشهد نابض بالحياة وسط نباتات الزينة والأعشاب الطبية والعطرية، يستقبل محمد حسنين الزهيري الزوار في حديقته الصغيرة على طريق بنها – شبين القناطر بمحافظة القليوبية، حيث يجتمع في هذا المكان شغفه العميق بالزراعة وخبرته التي تراكمت على مدار أكثر من أربعة عقود من العمل في كلية الزراعة بمشتهر – جامعة بنها.

أقدم الموظفين في مجال الزراعة 

بدأت قصة عم محمد، البالغ من العمر 65 عامًا، عام 1980 حين تم تعيينه موظفًا بكلية الزراعة بمشتهر وهو في الثانية عشرة من عمره، ليكون بذلك أحد أقدم الموظفين في مجال الزراعة على مستوى الجمهورية. ومنذ ذلك الحين، لم يكن عمله مجرد وظيفة عادية، بل كان بمثابة رسالة حياة، حيث تحولت الكلية إلى بيته الثاني، والنباتات إلى أبناء يرعاهم بحنان وعناية.

يتحدث الزهيري بفخر وحنين عن بداياته لـ "نيوز رووم": "كنت أحب العمل من قلبي، وكنت ملتزمًا جدًا، لم أتأخر يومًا عن العمل. الكلية كانت بيتي، والنباتات أولادي". لم يقتصر دوره على أداء مهام وظيفته، بل أصبح معلمًا وموجهًا عمليًا للطلاب، ينقل لهم خبراته في فنون الزراعة وطرق مكافحة الآفات والأمراض. ويقول: "الدكاترة كانوا يطلبون مني تدريب الطلاب، وكان يبهجني أن أراهم يتعلمون من خلال العمل العملي مباشرةً في الحقول والمشتل".

وعندما حلّ موعد تقاعده، كرّمته كلية الزراعة بتكريم خاص، حيث أقيم حفل رسمي حضره عميد الكلية وأعضاء هيئة التدريس والطلاب. يروي تلك اللحظة المؤثرة قائلاً: "بكيت من الفرح، لم أتخيل أن يخرجني الزملاء بهذا الشكل، أهدوني درعًا تكريميًا وقالوا لي إن اسمي محفور في تاريخ الكلية".

سن المعاش

رغم بلوغه سن المعاش، لم يغب الشغف عن قلبه، فاستأجر قطعة أرض وحولها إلى مشتل وحديقة مفتوحة، حيث زرع أنواعًا متعددة من النباتات الطبية والعطرية والزينة، مستمراً في نشر معرفته وخبرته بين أبناء قريته وزوار الحديقة. ويؤكد: "المعاش لم يكن نهاية، بل بداية جديدة، هذه الأرض هي حياتي الثانية، وكل نبات فيها يحمل قصة وذكريات".

أشاد العديد من الطلاب والزوار بدور عم محمد في تعليمهم، حيث يقول أحمد سامي، أحد خريجي كلية الزراعة: "عم محمد كان مدرسة متكاملة، علمنا الزراعة بيده، وكان يحبنا كأننا أولاده". وتضيف الباحثة الزراعية إيمان عبد العال: "هو ليس مجرد موظف، بل خبير وزارع متمرس تعلمنا منه كثيرًا من المهارات العملية التي لا توجد في الكتب". أما محمود صبحي، زائر المشتل، فيقول: "عم محمد لا يبيع نباتًا فقط، بل يبيع خبرة حياتية كبيرة مع كل نبتة".

يختتم عم محمد حديثه بحلم يراوده منذ سنوات طويلة، وهو زيارة بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، معبراً عن أمله في أن يتحقق هذا الحلم قريبًا: "نفسي أزور بيت ربنا وأحج، هذه أمنيتي الكبيرة، وأدعو الله أن يكتبها لي".

تبقى قصة محمد حسنين الزهيري نموذجًا حيًا للإخلاص والشغف في العمل، حيث يثبت أن التفاني في مهنة يحبها الإنسان يترك أثرًا خالدًا في قلوب الناس، ويزرع الأمل والعلم في كل مكان يحل فيه.

محمد حسنين الزهيرى

تم نسخ الرابط