خبير أمن معلومات: حرب إيران وإسرائيل مرحلة صراع سيبراني

أكد الدكتور محمد عزام، خبير إدارة التكنولوجيا وأمن المعلومات، أن العالم يقف أمام شكل جديد من الحروب يختلف جذريًا عما عرفه سابقًا، مشيرًا إلى أن الصراع بين إيران وإسرائيل يكشف عن ملامح "حرب سيبرانية" واسعة النطاق، تُعد في الواقع أكثر خطورة من الحرب العسكرية التقليدية، بل وتسبقها من حيث الأهمية والتأثير.
وأوضح عزام، أن أدوات الحرب المعروفة مثل الطائرات والدبابات، رغم تطورها، تنتمي إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، بينما نحن الآن أمام نمط جديد من الحروب يعتمد على السيطرة على الأنظمة والشبكات وتحطيم البنى التحتية المعلوماتية، إلى جانب استهداف المنظومات الحيوية مثل القطاع الصحي، والمصرفي، وشبكات النقل والخدمات العامة، بما يغير موازين الصراع جذريًا.
وأشار إلى أن هذا التحول لم يكن مفاجئًا، بل كان متوقعًا منذ ما بين عامي 2020 و2023، تزامنًا مع تطور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وظهور الأسلحة الذكية وذاتية التشغيل، مضيفًا أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية تؤكد هذا الاتجاه، وتبرهن على أننا في المراحل الأولى من تطور غير معروف النهايات حتى الآن.
وأضاف عزام، أن إيران، ورغم العقوبات الدولية الطويلة، أثبتت امتلاكها لقدرات تكنولوجية متقدمة، ما يثير تساؤلات عديدة حول مصادر دعمها التكنولوجي، خاصة في ظل حرمانها من الوصول إلى المعالجات الحديثة وشبكات الإنترنت العالمية، مقابل تخصيصها نحو 9% من ناتجها القومي للأبحاث والتطوير، وربما وجود روابط غير معلنة مع دول متقدمة أو أنشطة نقل غير مباشر للتكنولوجيا.
في المقابل، أشار عزام، إلى أن إسرائيل، بدعم استخباراتي وتكنولوجي أمريكي هائل، تمتلك إمكانيات غير مسبوقة في مجال الحرب السيبرانية، وهو ما يضع المنطقة أمام واقع استراتيجي جديد.
ولفت إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية قدمت نموذجًا مشابهًا، لكن لم يُؤخذ حينها بالجدية الكافية، مشيرًا إلى أن القوى الكبرى مثل روسيا، والصين، وفرنسا بدأت في تعديل عقائدها الدفاعية لتبني أنظمة تسليح ذكية تتجاوز المفهوم التقليدي.
وفي مثال واقعي على هذا التحول، أشار عزام، إلى هجوم بطائرات "درونز" منخفضة التكلفة – لا يتجاوز سعر الواحدة منها 20 ألف دولار – استهدف مطارات استراتيجية داخل الأراضي الروسية، متسببًا بخسائر تُقدَّر بنحو 7 مليارات دولار، ما يعكس حجم التحول في أدوات الصراع وفعالية التكنولوجيا المنخفضة التكلفة.
كما أكد أن استخدام "الدرونز" بات متاحًا حتى للمنظمات الإرهابية، ما يوسع من دائرة التهديد السيبراني، ويؤكد أن التكنولوجيا لم تعد حكراً على الجيوش النظامية.
واختتم عزام، بالقول إن التكنولوجيا باتت لا تُغيّر فقط شكل المعارك، بل تُعيد تشكيل العالم بأسره، مؤكدًا أن ما نشهده حاليًا ليس مجرد صراع مسلح، بل صراع على مستقبل الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، وقدرة الدول على النمو والبقاء.