خطة طوارئ مصرية شاملة لتأمين الكهرباء والغاز وسط تصعيد إيران وإسرائيل

في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط واحدًا من أخطر تصعيداته الجيوسياسية في السنوات الأخيرة، تتحرك الحكومة المصرية على عدة جبهات للحفاظ على استقرار الطاقة داخليًا، عبر خطط بديلة ومصادر متعددة وقرارات استباقية، تهدف جميعها إلى تجنّب انقطاع الكهرباء أو اضطراب الخدمات في ظل أزمة إقليمية متفاقمة.
فعّلت مصر خطة طوارئ متكاملة لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي والكهرباء، بعد توقف إمدادات الغاز الإسرائيلي إثر التصعيد العسكري بين تل أبيب وطهران، وتحركت الحكومة بشكل فوري لإعادة توزيع مزيج الوقود، وتشغيل بدائل طارئة لتعويض العجز.
تغييرات فورية في مزيج الوقود
كشف مسؤول حكومي لـ"نيوز رووم" أن وزارة البترول خفّضت كميات الغاز الطبيعي الموردة لمحطات الكهرباء بنسبة 19%، لتصل إلى 85 مليون متر مكعب يوميًا، مقارنة بـ105 ملايين قبل اندلاع التوترات، ورفعت كميات المازوت إلى الحد الأقصى 40 ألف طن يوميًا، إلى جانب زيادة السولار بنسبة 33%.
وجرى وقف ضخ الغاز لعدد من الصناعات الثقيلة، منها مصانع الأسمدة والحديد، لتوفير الإمدادات لمحطات الكهرباء وضمان استقرار الشبكة القومية دون اللجوء إلى تخفيف الأحمال.
تعزيز منظومة التغويز
تزامنًا مع تلك الخطوات، بدأت مصر تشغيل 3 سفن تغويز تم التعاقد عليها مسبقًا لتعويض توقف الغاز الإسرائيلي، الذي كانت مصر تستورد منه نحو 800 مليون قدم مكعب يوميًا. ومن المقرر أن تدخل سفينتان الخدمة خلال الأسبوع الأخير من يونيو، بطاقة 750 مليون قدم مكعب لكل منهما، فيما تبدأ السفينة الثالثة التشغيل مطلع يوليو، ليصل إجمالي الطاقة التعويضية إلى 2.25 مليار قدم مكعب يوميًا.
وقال وزير البترول الأسبق، المهندس أسامة كمال، إن هذه المنظومة كفيلة بتغطية الفجوة الناتجة عن توقف الغاز الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن خطة التوسّع في وحدات التغويز تعكس تحركًا استباقيًا لقطاع البترول قبل اندلاع الأزمة.
رؤية استباقية وتحوّط مبكر
من جانبه، أكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن مصر لم تُفاجأ بالأزمة، بل استعدت لها من خلال تعاقدات طويلة الأجل مع موردين كبار مثل "قطر غاز" و"أرامكو" و"أوكيون"، ما أبعدها عن مخاطر السوق الفورية شديدة الحساسية للأزمات.
وأشار إلى أن توقف حقل "ليفياثان" الإسرائيلي لم يؤثر على مصر، بفضل وجود بدائل جاهزة، وتفعيل خطة وضعتها وزارة البترول منذ أكثر من 6 أشهر. كما دعّمت مصر قدراتها من الغاز المسال عبر 4 وحدات تغويز موزعة بين السخنة والبحر المتوسط، بقدرة إجمالية تبلغ 1.5 مليار قدم مكعب يوميًا.
الكهرباء: لا تخفيف للأحمال.. والترشيد إلزامي
رغم الأزمة، لم تُصدر الحكومة قرارات بتخفيف الأحمال حتى الآن. وبدلاً من ذلك، أطلقت وزارة الكهرباء خطة صارمة لترشيد الاستهلاك في الجهات الحكومية، تشمل تقليل استخدام المصاعد، وضبط التكييف على 25 درجة، وفصل الإنارة غير الضرورية، وتقليل الإضاءة في الشوارع بنسبة تصل إلى 60%.
وتستهدف الخطة خفض استهلاك الجهات الحكومية بنسبة لا تقل عن 30%، في ظل توقعات ببلوغ الأحمال القصوى 37 ألف ميجاوات، بينما تملك مصر قدرات إنتاجية تصل إلى 43 ألف ميجاوات، منها 2800 ميجاوات من الطاقة المتجددة تدخل الخدمة هذا الصيف.
تحركات على مستوى الدولة
ترأس رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي اجتماعات ضمت وزراء البترول والكهرباء والمالية، ومحافظ البنك المركزي، لمتابعة تنفيذ خطة الطوارئ وتوفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد الوقود والغاز، إلى جانب تعزيز المخزون الاستراتيجي من الوقود والسلع الأساسية.