قدم دماء صديقه قربانا للكنز الوهمي.. استدرجه و ذبحه في العيد
بحثًا عن السراب، ووهم الثراء السريع، وكنوز الأرض التي يسقط في براثنها ضعاف النفوس والعقول، الذين يتحولون إلى أسرى لأوهام تجعلهم يضحّون بالغالي والنفيس، ويدهسون تحت أقدامهم القيم والعادات، بل يجعلون من أقرب الناس إليهم قرابين لتلك الخرافات التي أصبحوا عبيدًا لها، لا يرون سوى وهم الكنز الملعون.
غدر الأصدقاء
تلك الأفكار المسمومة التي جعلت عاملًا يغدر بصديقه، بعدما استدرجه من بلدته بمحافظة سوهاج خلال إجازة العيد، ليقدّم دماءه قربانًا لمقبرة الكنز الذي يحلم به، والذي لطالما وعد بأنه سيحوّله من جامع خردة إلى أحد الأثرياء الذين يُشار إليهم بالبنان في بلدته بمحافظة أسيوط.
فلم يقتل صديقه فقط، بل قتل معه والده المريض، الذي فقد نجله الوحيد، ليتركه وحيدًا.
مسؤولية مبكرة
تحمّل دياب، الشاب ذو الـ(17 عامًا)، مسؤولية والده الذي أتعبه المرض، بعدما توفّيت والدته منذ عام. وهو الابن الوحيد لأبيه، بعدما تزوجت شقيقته الوحيدة. وقرّر أن يترك قريته في مركز طما بمحافظة سوهاج، ليتوجّه إلى العمل بصحبة زوج شقيقته في منطقة المرج بالقاهرة، ويتردّد على المنزل على فترات، حاملًا معه احتياجاته.
فعلى الرغم من أنه وحيد، إلا أن ذلك لم يكن أبدًا دافعًا له للتكاسل أو التوكل على أبيه المريض، بل أراد أن يكون السند لأبيه، ليرد له جميل تربيته. فلم يعرف طريق الملذات أو اللهو كغيره من الشباب.
بداية الغدر
ويعيش الشاب المكافح ما بين عمله ورعاية والده وتلبية متطلباته، حتى كان عيد الأضحى الماضي، فتوجّه إلى والده ليقضيا العيد معًا، فليس لهما سواهما.
إلا أنه، قبل أن تنتهي إجازة العيد، تلقّى اتصالًا هاتفيًا من صديقه، الذي طلب منه أن يحضر إلى القاهرة ليعملا سويًا، فهو موجود وحده.
وبالفعل، قرّر الشاب أن يترك والده ويسافر للعمل، فقد كان يطمح أن يحقق ذاته، ويعتمد على نفسه لبناء أسرة.
وما أن التقى صديقه، الذي كان يُضمر له السوء، حتى استدرجه في فترة الإجازة ليغدر به قبل أن يحضر زوج شقيقته.
خيانة قاتلة
وبعد يوم استراح فيه الشاب دياب من عناء السفر، طلب منه صديقه أن يتوجها إلى مخزن الخردة الذي يعملان به، ليبدآ العمل.
ولم يتوانَ في الذهاب، فما حضر من بلدته سوى ليعمل. وإمعانًا في الغدر والخيانة، قام الصديق الخائن بتجهيز الطعام بدعوى أن يأكلا معًا، وما أن دخلا المخزن، حتى باغت المتهم الضحية بعدة ضربات على رأسه، ليقتله غدرًا، لا لخلافات بينهما، ولا طمعًا في أموال بحوزته.
وإنما لسبب صادم، وهو أن يحصل على دماء صديقه ليقدّمها قربانًا للجان، لفتح مقبرة أثرية، كما طلب منه أحد الدجالين.
فلم يجد أمامه سوى صديقه الوفي، الذي ضحّى به في عيد الأضحى، وقام بدفنه داخل مخزن الخردة.
أب مكلوم
وبينما أخذ المتهم دماء صديقه، كان والد الضحية يحاول الاتصال بنجله، بعد تغيبه عنه لعدة أيام، وهو لم يعتد ذلك. إلا أن هاتفه قد أُغلق، وبينما زوج شقيقته، الذي يعمل معه، لا زال يقضي إجازة العيد في بلدته بمحافظة أسيوط.
تواصل الأب مع زوج ابنته، ليخبره بقلقه على نجله. فما كان من زوج ابنته إلا أن سافر إلى القاهرة، وأخذ يبحث عن شقيق زوجته دون جدوى.
وما أن دخل مخزن الخردة، حتى اكتشف وجود جزء مرتفع في أرضية المنزل، ليجد جثة المجني عليه مدفونة بالمخزن.
نهاية مأساوية
فقام بإبلاغ رجال الأمن، ومن خلال فريق بحث أمر به اللواء محمود أبو عمرة، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، وبمراجعة كاميرات المراقبة بمحيط المخزن، تبيّن أن المجني عليه دخل المخزن بصحبة زميله، الذي خرج وحده بعد أربع ساعات، وقام بغلق المخزن من الخارج.
ومن خلال مأمورية أمنية، نجحت أجهزة الأمن في القبض على المتهم ووالده داخل مزرعة بمحافظة أسيوط. لتكون الصدمة التي أذهلت الجميع أنه قتل صديقه، بعدما استدرجه ليقدّم دماءه قربانًا للجان، لفتح مقبرة أثرية.
تلك الخرافات التي أوهمه بها أحد الدجالين، ليحطّم حلم شاب يشهد له الجميع بحسن السلوك والاجتهاد، ويترك أبًا مريضًا وحيدًا دون سند، بعدما فقد ابنه الوحيد... بحثًا عن سراب.