جلسوا على الرصيف .. 6 ساعات من الحزن أمام منزلي حدائق القبة المنهارين

جلس الأهالي في شارع ضيق بمنطقة حدائق القبة، ملامحهم يكسوها الذهول، وعيونهم لا تبرح أنقاض منزلين سقطا فجأة، وكأن الأرض ابتلعت أعز ما يملكون، لا شيء يشغلهم سوى سؤال واحد يتردد في كل نظرات الحاضرين: "هل ما زالوا على قيد الحياة؟"
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهراً، حين دوى صوت السقوط، وصحبته ضوضاء صرخات استغاثة تعلوا على كل شي في مشهد يكتم الأنفاس، جرى الأهالي في كل اتجاه، وتحول في لحظات الحي الشعبي إلى مسرح عمليات، والشارع إلى غرفة انتظار مفتوحة على المجهول.
الطفل "يونس"، صاحب الثلاث سنوات، نُقل إلى المستشفى بعد ما تم انقاذه من بين الركام، بينما والدتة كانت ما تزال عالقة تحت الأنقاض، جلس والده على الرصيف، يحتضن الغبار والانتظار، يرد على كل سؤال بنظرة دامعة وعبارة واحدة: "لسه ما طلعوش أم يونس..."
في الركن الآخر، تجلس سيدة ، تحتضن صورة قديمة، وتبكي بصمت، ترفض الطعام أو الماء، تحكي هامسة عن زوجها: "كان نايم في أوضته"
الحماية المدنية لم تتوقف لحظة، والرجال يحفرون بأيديهم تارة، وبالآلات تارة أخرى، السلالم الهيدروليكية ارتفعت بين الحطام كأمل صغير، والكل يراقبها كأنها حبل نجاة.
العقار رقم 22 الذي كان مأهولًا بالسكان، معظمهم من البسطاء، لكنهم عاشوا بروح واحدة في بيت واحد، في لحظة، تحوّل إلى تراب فوق أحلامهم، والعقار المجاور أُخلي فورًا، فهناك خوف من أن يكون القادم أسوأ، لكن الخوف الحقيقي ما زال جاثمًا فوق قلوب من ينتظرون أبناءهم وأحبّاءهم تحت الأنقاض.
وسط كل هذا، انتقل فريق المعمل الجنائي للمعاينة، فيما تولّت النيابة العامة التحقيق، والناس لا يعنيهم سوى من سيخرج حيًّا أو محمولًا، في حدائق القبة اليوم، الألم لم يكن فقط في سقوط جدران، بل في سقوط لحظات، وساعات، وذكريات، خلف الركام.
جثتان و9 مصابين
تمكنت قوات الحماية المدنية من استخراج مسنة على قيد الحياة من أسفل ركام عقارات حدائق القبة المنهارة، بعد بحث دام 6 ساعات متواصلة، بينما تم استخراج جثة أخرى منذ قليل، ليرتفع عدد ضحايا انهيارعقارين بالكامل وثالث جزئيًا بحدائق القبة إلى حالتي وفاة و9 مصابين حتى الآن وجاري البحث عن باقي المفقودين ومازالت قوات الحماية المدنية وفرق الانقاذ تكثف جهودها للوصول لناجين أخرين.
وأوضحت المعاينة الأولية، أن العقارين المنهارين يحملان الأرقام 20 و22 بحارة أبو سيف، بمنطقة الخليج المصري التابعة لدائرة قسم حدائق القبة.
العقار رقم 20 مكون من طابق أرضي و5 طوابق علوية وكان خاليًا من السكان، بينما العقار رقم 22 يتكون من طابق أرضي و4 طوابق وكان مأهولًا وقت الانهيار، حيث أسفر الحادث عن إصابة 3 أشخاص تم نقلهم على الفور إلى مستشفى الزيتون التخصصي لتلقي العلاج.
فيما واصلت قوات الإنقاذ البري جهودها للبحث عن ناجين أو ضحايا أسفل الأنقاض، وتم إخلاء العقار المجاور رقم 18 كإجراء احترازي لحين التأكد من سلامته وعدم تأثره بالانهيار.
انهيار عقارين بحدائق القبة
تلقت غرفة العمليات بمديرية أمن القاهرة بلاغًا من الأهالي يفيد بوقوع انهيار مفاجئ لعقارين بالمنطقة، لتنتقل على الفورالأجهزة المعنية إلى موقع الحادث، حيث تم فرض كردون أمني، وبدأت القوات عمليات الإنقاذ، وجرى تحرير محضر بالواقعة، وتم إخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات والكشف عن ملابسات الحادث.
محافظ القاهرة يتابع عمليات البحث عن ناجين تحت الأنقاض
ويشرف الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة على عمليات إنقاذ سكان العقارين يرافقة اللواء طارق راشد مساعد أول وزير الداخلية مدير أمن القاهرة، والدكتور حسام الدين فوزى، نائب المحافظ للمنطقة الشمالية.
كان مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارىء بمحافظة القاهرة تلقى بلاغًا فى الساعة ١٢:٣٥ بانهيار العقارين، وعلى الفورانتقل د. إبراهيم صابر محافظ القاهرة لموقع الحادث وبرفقته قوات الحماية المدنية، والإسعاف والقيادات الأمنية وجميع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة .