في ذكري وفاة القارئ الباكي .. حكاية الراحل محمد صديق المنشاوي مع تلاوة القرآن

تحل اليوم ذكرى وفاة الشيخ محمد صديق المنشاوي -رحمه الله- الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في 20 من يونيو عام 1969 ميلادية، عن عمر ناهز 49 عامًا، بعد مسيرة مباركة في خدمة كتاب الله -عز وجل-، شكّلت مدرسة خاشعة في التلاوة، ومثالًا نادرًا في الخشوع والتأثر بكلام الله.
في ذكري وفاة القارئ الباكي
وُلد الشيخ محمد صديق المنشاوي في 20 من يناير عام 1920م، بقرية المنشاة التابعة لمحافظة سوهاج، ونشأ في بيت علم وقرآن؛ فوالده الشيخ صديق المنشاوي من أعلام قرّاء عصره، وقد أتمَّ الشيخ محمد حفظ القرآن الكريم في سنٍّ مبكرة، ثم تلقّى علوم التلاوة والقراءات على يد كبار المشايخ، فنبغ فيها حتى أصبح من أشهر قرّاء الإذاعة المصرية والعالم الإسلامي.
التحق الشيخ المنشاوي في سن مبكرة بكتَاب القرية، حيث بدأ بتعلم القرآن الكريم كانت دراسته في الكُتَّاب بداية لمشوار طويل في مجال حفظ وتلاوة القرآن أتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وكان يتلوه بطريقة تميزت بالخشوع والتركيز على مخارج الحروف وأحكام التلاوة، ولم تقتصر تلاوته على الكتابة فقط، بل كان يستمع إلى كبار القراء في مصر ويستفيد من علومهم، مما جعله يتمكن من إتقان القراءات العشر وتعلم الألحان الصوتية التي كانت تميز تلاواته فيما بعد.
وفي سن صغير، اكتسب الشيخ المنشاوي شهرة كبيرة في قريته والمحافظات المجاورة بسبب صوته الخاشع الذي كان يلامس القلوب، و كان يشارك في السهرات القرآنية، التي كانت تجمع أهل القرية للاستماع إلى تلاواته، وكان صوته الجهوري يترك أثراً عميقاً في النفوس وقد أطلق عليه لقب "القارئ الباكي" نظراً لتأثره العميق أثناء تلاوته للقرآن، مما جعل المستمعين يشعرون بصدق مشاعره وتفانيه في تلاوة كتاب الله.
سجّل الشيخ المنشاوي المصحف المرتل كاملًا بصوته، كما سجّل ختمةً مجودةً لا تزال تُبث في إذاعة القرآن الكريم، وقد لقّبه جمهوره بـ"الصوت الباكي" لما تميز به من أداء خاشعٍ صادقٍ يلامس القلوب، وشارك الشيخ محمد صديق المنشاوي في بعثات قرآنية إلى دول عدة، منها فلسطين، وسوريا، والسعودية، وليبيا، وإندونيسيا، وغيرها، ممثلًا لمصر والأزهر الشريف، حيث لقي التكريم والتقدير في كل مكان حلّ به.
ورغم أن عمره كان قصيرًا، فإن أثره العلمي والروحي باقٍ وممتد؛ إذ خلّف تراثًا صوتيًّا لا يزال مصدر إلهام للقراء والمتعلمين، ومدرسة قائمة بذاتها في الخشوع وحُسن الأداء، وقد عُرف -رحمه الله- بتواضعه الشديد وابتعاده عن مظاهر الأضواء، مفضّلًا أن يبقى خادمًا لكتاب الله في السر والعلانية.