
إن دولة التلاوة المصرية، متجذرة في التاريخ، متأصلة بقرائها، متينة قائمة على أعمدة ركائزها كبار ومشاهير القراء الذين ذاع صيتهم في كل أنحاء العالم، صدحت أصواتهم في كل ركن يمكن أن يتخيله عقلك، ولا أبالغ إن قلت لك أنظر إلى خريطة العالم ثم ضع إصبعك على أي مكان وأنت مغمض العينين، وستكتشف أن قارئا مصريا مر من هنا.
وإذا عدنا إلى ثلاثينيات القرن الماضي ستجد قراء الرعيل الأول أمثال المشايخ "علي محمود ومحمد عكاشة ومحمد رفعت ومحمد الصيفي وعلي حزين وعبد الفتاح الشعشاعي وطه الفشني وأحمد سليمان السعدني ومحمد فريد السنديوني وعبدالرحمن الدروي وعبد العظيم زاهر وأبو العينين شعيشع ومنصور الشامي الدمنهوري ومحمود خليل الحصري ومحمد حسن النادي ومصطفى إسماعيل ومحمود عبد الحكم وعبد العزيز حربي"، كان كل واحد من هؤلاء الكبار مدرسة فريدة في حد ذاته، لكل منهم تلاميذه الذين تأثروا به خلقا وأداءً وصوتا، جابت أصواتهم ربوع الدنيا وكان للإذاعة المصرية الفضل الأول في انتشار أصواتهم.
ثم أتى من بعدهم الجيل الثاني الذي حمل لواء دولة التلاوة، وأعلى رايتها خفاقة، استكمالا لمسيرة العظماء الذين سبقوهم أمثال القراء المشايخ محمد صديق المنشاوي ومحمود علي البنا وعبد الباسط عبد الصمد وهاشم هيبة ومحمد الطوخي وكامل يوسف البهتيمي وإبراهيم المنصوري وعوضين المغربي وغيرهم من المشايخ الكبار الذين انضموا إلى أروقة الإذاعة المصرية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.
تعددت الأجيال والأسماء يعد ذلك وإذا فكرنا في حصرها فسنحتاج إلى العديد من المقالات بل كل اسم منهم يحتاج إلى العديد من المقالات التي تصف مدى عبقريته وتميزه وتفرده في التلاوة.
ومن الأجيال التي تلت هؤلاء العظماء لا نغفل كل من المشايخ محمد بدر حسين وعلي حجاج السويسي ومحمد عبد العزيز حصان وراغب مصطفى غلوش وحمدي محمود الزامل وعبد العزيز علي فرج ومحمود محمد رمضان وشعبان عبد العزيز الصياد ومحمود البيجرمي وإبراهيم الشعشاعي ومحمود حسين منصور والسعيد عبد الصمد الزناتي وأحمد الرزيقي ومحمود صديق المنشاوي ومحمد محمود الطبلاوي.
ومن القراء الكبار الذين عاصرناهم على سبيل المثال لا الحصر "السيد متولي عبدالعال رحمه الله، والسيد سعيد، ومحمد أحمد بسيوني، والشيخ محمد الليثي رحمه الله، والشيخ محمد عبدالوهاب الطنطاوي والقارئ المتفرد الشيخ محمود محمد الخشت، وطبيب القلوب الشيخ حجاج الهنداوي والشيخ طه النعماني والشيخ محمود الطوخي والشيخ ياسر الشرقاوي، مرورا بكل القراء المعاصرين الذين لا حصر لهم وهم الآن نجوم دولة التلاوة المصرية.
كل هؤلاء الذين رحلوا، والحاليين أطال الله في أعمارهم حملوا على عاتقهم إعلاء راية دولة التلاوة في كل مكان لتبقى عالية خفاقة يردون على الأصوات التي تدعي أن دولة التلاوة انتهت بنهاية قراء الرعيل والجيل الثاني، لكن مصر كانت وما زالت وستبقى إلى أن تقوم الساعة "دولة التلاوة".