ما حكم مصافحة الرجال للنساء باليد.. ؟ الإفتاء توضّح الموقف الشرعي

في ظل تعدد اللقاءات الاجتماعية والمهنية، تتكرر الأسئلة حول حدود العلاقة بين الجنسين، ومن أبرز هذه التساؤلات: هل يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية باليد؟ وهل المصافحة تعدّ مخالفة شرعية أم أن هناك حالات يُستثنى فيها الحكم؟
دار الإفتاء: الأصل الامتناع عن المصافحة
دار الإفتاء المصرية أوضحت في أكثر من فتوى منشورة على موقعها الرسمي أن الأصل في التعامل بين الرجل والمرأة الأجنبية هو التوقير والاحترام دون لمس الجسد، وأن المصافحة ليست من السنة ولا من العرف الشرعي الموروث. واستدلت على ذلك بما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها:
“ما مسَّت يدُ رسول الله ﷺ يدَ امرأةٍ قط، إلا امرأةً يملكها”
رواه البخاري (5288).
وقد فسّر العلماء هذا الحديث بأنه دليل صريح على امتناع النبي ﷺ عن المصافحة الجسدية للنساء الأجنبيات، حتى في مواقف شريفة مثل البيعة.
جمهور العلماء: المصافحة حرام
اعتمادًا على هذا الحديث، ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن مصافحة المرأة الأجنبية باليد لا تجوز شرعًا، سواء بشهوة أو بغير شهوة، لأن مجرد اللمس محرّم، لقول النبي ﷺ:
“لأن يُطعن أحدكم في رأسه بمخيط من حديد خير له من أن يمسَّ امرأة لا تحل له”
رواه الطبراني في الكبير (20/212)
كما استدلوا بقوله تعالى:“ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”
[الإسراء: 32]
حيث اعتُبر أن اللمس من وسائل القرب التي تُنهى عنها الشريعة.
رأي بالتيسير: جواز عند الحاجة ومنع الشهوة
في المقابل، نقلت الإفتاء رأيًا آخر لبعض الفقهاء المتأخرين والمعاصرين ممن جوّزوا المصافحة عند خلوها من الشهوة ووجود حاجة اجتماعية معتبرة أو في أعراف المجتمعات غير الإسلامية، شريطة أن لا تكون المصافحة طويلة، أو تُفضي إلى مفسدة، مستشهدين بقاعدة:
“الأمور بمقاصدها، والمآخذ بالنيات”،
وقاعدة:
“العادة محكمة” من القواعد الفقهية الكبرى المعتمدة في كتب الأصول (راجع: الأشباه والنظائر للسيوطي).
لكن مع ذلك، فإن هذا القول لا يُعد ترخيصًا عامًا، بل مشروطًا بعدم وجود بديل، وبعدم وجود شبهة فتنة أو تمييع للحدود الشرعية.
دار الإفتاء: نُفضل عدم المصافحة كأصل وقائي
أكدت دار الإفتاء في بياناتها الأخيرة أن ترك المصافحة هو الأحوط والأفضل للمسلم والمسلمة في أي بيئة، سواء في مجتمعات إسلامية أو غيرها، تجنبًا للحرج، وحفظًا للوقار، ودفعًا للفتن