ما حكم قراءة القرآن أثناء خطبة الجمعة؟.. “الإفتاء” توضح الكم الشرعي
في مشهد يتكرر داخل كثير من المساجد، وخاصة قبل صعود الإمام إلى المنبر، يلجأ بعض المصلين إلى قراءة القرآن الكريم طلبًا للأجر والثواب، إلا أن تساؤلات تثار بين الحين والآخر حول مدى مشروعية الاستمرار في القراءة أثناء خطبة الجمعة، وما إذا كان ذلك يعد مخالفة للآداب الشرعية المرتبطة بهذا اليوم العظيم.
وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية أن الواجب على المسلم أثناء خطبة الجمعة هو الإنصات الكامل للإمام، وترك كل ما يشغله عن الاستماع، بما في ذلك قراءة القرآن، حتى وإن كانت عبادة في ذاتها، إلا أن حضور الخطبة والإنصات لها مقدم شرعًا على غيرها من العبادات الوقتية في تلك اللحظة.
واستدلت دار الإفتاء في بيانها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في الصحيحين:
“إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت”،
موضحة أن الحديث يدل على أن الانشغال بأي شيء ـ ولو في صورة نصح أو عبادة ـ يُخرج المصلي من حال الاستماع الواجب، ويُفوّت عليه أجر الجمعة.
وشددت الإفتاء على أن الخطبة جزء لا يتجزأ من صلاة الجمعة، فهي تقوم مقام ركعتين من الصلاة، ولذلك يجب الإنصات لها كما يُنصت المصلي في صلاته، مؤكدة أن القراءة أثناء الخطبة ـ وإن كانت بنية العبادة ـ تُعد مخالفة للهيئة المطلوبة من المصلين في هذا الوقت.
وفي السياق ذاته، أوضحت مصادر فقهية أن جمهور العلماء من المذاهب الأربعة متفقون على تحريم الانشغال عن الخطبة، سواء بكلام، أو تسبيح، أو قراءة، أو عبث، مستشهدين بأن كل ذلك يُفقد الخطبة أثرها، ويُفقد المستمع ثواب الجمعة، بل قد يُنقص من أجر صلاته.
لا حرج في قراءة القرآن قبل صعود الإمام للمنبر
ومع ذلك، بيّنت الإفتاء أنه لا حرج في قراءة القرآن قبل صعود الإمام للمنبر، سواء على انفراد أو بشكل جماعي إذا لم يكن فيه تشويش على المصلين أو تعارض مع سنن الجمعة الأخرى، كقراءة سورة الكهف أو الإكثار من الدعاء، مشيرة إلى أن هذا الوقت من أفضل الأوقات لذكر الله، لكن بمجرد صعود الإمام يجب الكف عن كل شيء والإنصات التام.
وتنبه الإفتاء أيضًا إلى أن بعض التصرفات التي قد يظنها البعض بسيطة، مثل إلقاء السلام، أو الرد عليه، أو التذكير بالتسبيح، أثناء الخطبة، تُعد من اللغو الذي ينقص أجر الجمعة، وينبغي الحذر منه.
وبناءً على ما سبق، فإن قراءة القرآن أثناء خطبة الجمعة تُعد من الأفعال غير المشروعة شرعًا، ويُطلب من المسلم تركها والإنصات التام لما يُقال على المنبر، لما في ذلك من تعظيم شعائر الله، وإظهار الاحترام للمقام الشرعي للخطبة، التي هي محور صلاة الجمعة وروحها.
