أيمن أبو عمر: «الأخلاق» لا تُكتسب بالكلام بل بالمواقف

أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف المصرية، أن من أرقى معايير الإصلاح الأخلاقي والسلوكي أن يبدأ الإنسان بنفسه، مشددًا على أن الحرص على تجنب ما نراه عيبًا في الآخرين هو أول الطريق نحو أن نصبح أشخاصًا صالحين بحق.
وأوضح أيمن أبو عمر، خلال مشاركته في برنامج "منبر الجمعة" على قناة الناس، أن هذا المفهوم متجذر في تعاليم الإسلام وسيرة الصالحين، مشيرًا إلى قول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إذا اجتنبت ما تراه عيبًا في الآخرين أصبحت إنسانًا صالحًا"، وهو مبدأ يجب أن يدفعنا للانشغال بإصلاح أنفسنا بدلًا من الانشغال بانتقاد غيرنا.
الأنبياء تعلموا من الأخطاء
وتابع أيمن أبو عمر حديثه بأن الأنبياء والصالحين لم يكونوا مثاليين فقط في أفعالهم، بل أيضًا في مراقبتهم لما هو خطأ والعمل على اجتنابه، مستشهدًا بمقولة سيدنا عيسى عليه السلام: "رأيت جهل الجاهل شينًا فاجتنبته".
وأشار أيمن أبو عمر إلى أن هذه المقولة تحمل جوهر الإصلاح الذاتي، حيث يدلّ موقف نبي الله عيسى على أن الوعي بالأخطاء ليس لغرض توجيه النقد للناس، بل لحماية النفس من الوقوع فيها.
الأحنف بن قيس
كما ضرب أيمن أبو عمر مثالًا آخر من تراث الحكماء، مشيرًا إلى مقولة الأحنف بن قيس: "لو عاب الناس الماء البارد ما شربته".
وأوضح أيمن أبو عمر أن هذا القول يعبر عن درجة عالية من الانضباط الذاتي والحرص على البُعد عن كل ما يُنتقد أو يُثير اللغط، حتى وإن لم يكن في ذاته خطأ، فالمعيار هو عدم مخالفة الذوق العام أو القيم المجتمعية السليمة.
الظلم لا يُقابل بالمثالية
وأشار أيمن أبو عمر إلى أن الناس بطبعها ليست مستعدة لتحمّل الظلم بصمت، وقال: "تلاقي اللي ظلم الناس، يطلب منهم الأخلاق والاحترام.. طب ما قلتش الكلام ده لنفسك قبل ما تظلمهم؟!"، مؤكدًا أن العدالة تبدأ من الذات، وأن من يزرع الإساءات لن يجني الاحترام في المقابل.
وشدّد أيمن أبو عمر على أن من يطلب من الناس حسن الخلق يجب أن يبدأ بنفسه، لأن الأخلاق لا تُفرض بالقوة ولا تُكتسب بالتعليمات، بل تُلهم من القدوة والسلوك الراقي.
كن مرآة لما تحب أن تراه
وفي ختام حديثه، قال أيمن أبو عمر إن الناس بمثابة مرآة للإنسان، فإذا أراد الإنسان أن يرى في غيره الصفات الحسنة، فعليه أولًا أن يتحلى هو بها.
وأضاف أيمن أبو عمر: "كل شيء تكرهه في غيرك، لا تفعله بنفسك، وإذا استطعت أن تبتعد عن العيوب التي ترفضها في الآخرين، وقتها ستكون إنسانًا صالحًا بحق، وستجد نفسك محبوبًا ومقبولًا لدى الجميع، تمامًا كما كنت تأمل أن تكون صورتك عند الناس."

رسالة إصلاح ذاتي
يُعد حديث أيمن أبو عمر دعوة صادقة لإعادة النظر في سلوكياتنا اليومية، والابتعاد عن الانشغال بعيوب الآخرين لصالح التركيز على إصلاح النفس، في زمن بات فيه النقد والتجريح سلوكًا شائعًا، بينما يظل الصلاح الحقيقي مرهونًا بالصدق مع الذات والقدوة في التصرفات.