محمد الليثي: المجتمع الإسرائيلي يعيش أزمة ثقة غير مسبوقة ونتنياهو في مأزق

قال محمد الليثي، الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن الحرب الجارية كشفت عن انقسامات وتصدعات حادة داخل المجتمع الإسرائيلي، لا سيما على صعيد الثقة المتدهورة في حكومة بنيامين نتنياهو، والتي تُوصف بأنها "الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل".

وأوضح محمد الليثي، خلال مداخلة له على قناة "إكسترا نيوز" مع الإعلامية دعاء جاد الحق، أن منصات التواصل الاجتماعي في الداخل الإسرائيلي تشهد موجة غير مسبوقة من الانتقادات اللاذعة للحكومة، حيث يرى كثير من الإسرائيليين أن نتنياهو يقود البلاد من أزمة إلى أخرى، ومن كارثة إلى ما هو أسوأ، في ظل تراكم الأحداث والتصعيدات المتتالية.

جذور الأزمة

أشار محمد الليثي إلى أن الأزمة السياسية والأمنية في إسرائيل لم تبدأ بالحرب الجارية، بل تعود إلى تولي الحكومة الحالية زمام السلطة، حينما فجّرت محاولات إجراء تعديلات قضائية مثيرة للجدل احتجاجات داخلية حاشدة.

ثم تصاعدت الأمور بشكل دراماتيكي مع هجمات 7 أكتوبر، تلتها العملية العسكرية في قطاع غزة، وتدهور الأوضاع مع حزب الله في لبنان، والاشتباكات المتكررة في الجبهة السورية، إلى أن وصلت إلى ذروتها بالتصعيد المباشر مع إيران، الذي يُعد من أكثر الحروب كلفة وتعقيدًا في تاريخ إسرائيل.

القبة الحديدية في مهب الريح

وأكد محمد الليثي أن الهجمات الإيرانية الأخيرة فضحت نقاط ضعف خطيرة في منظومة القبة الحديدية، التي طالما روّجت لها إسرائيل باعتبارها "جدار الحماية الأول" ضد الصواريخ المعادية.

وأشار محمد الليثي إلى أن هذه المنظومة، التي تضم عدة طبقات دفاع جوي من صواريخ قصيرة، ومتوسطة، وبعيدة المدى، بالإضافة إلى منظومات "ثاد" الأمريكية المتقدمة التي يُديرها الجيش الأمريكي، فشلت جميعًا في اعتراض وصد الهجوم الإيراني الأخير، ما تسبب في صدمة عارمة داخل الشارع الإسرائيلي.

اضطراب نفسي داخل إسرائيل 

أوضح محمد الليثي أن الفشل الدفاعي لم يكن فقط عسكريًا، بل ترك أثرًا نفسيًا عميقًا لدى المجتمع الإسرائيلي، الذي كان يعيش على وهم الحماية الكاملة من خلال هذه المنظومات.

وأضاف أن الاطمئنان الزائف تحطّم فجأة، بعد أن أغرقت إيران سماء إسرائيل بوابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة، ما خلق حالة من الذعر الجماعي والارتباك الأمني.

وكشف محمد الليثي أن سماء تل أبيب شهدت مشاهد صادمة لم يعتد عليها الإسرائيليون من قبل، حيث حلّقت مئات الطائرات المسيّرة الإيرانية، ورافقها قصف صاروخي دقيق وعالي التقنية، بما في ذلك صواريخ باليستية وقنابل تشبه العنقودية، وهي أسلحة تختلف كليًا عن تلك المستخدمة سابقًا في جبهات غزة أو جنوب لبنان.

تراجع ثقة غير مسبوق

اختتم محمد الليثي حديثه بالإشارة إلى أن الهجمات الإيرانية تمثل نقطة تحول خطيرة في معادلة الردع داخل إسرائيل، حيث لم تقتصر آثارها على الخسائر المادية، بل كشفت عن اختراق أمني شامل، يُعيد التفكير في قدرة إسرائيل على الصمود أمام تهديدات استراتيجية بحجم إيران.

وشدد محمد الليثي على أن ثقة المجتمع الإسرائيلي في المؤسسة السياسية والعسكرية تراجعت بشدة، وأن ما تعيشه إسرائيل اليوم ليس مجرد حرب، بل أزمة وجودية حقيقية تهدد تماسك الدولة وثقة شعبها في قدرتها على الدفاع عن نفسها.