بعد فشل الملاجئ.. إسرائيل تحول محطات القطار إلى مهرب من هجمات إيران
في خضم التصعيد المتسارع بين إسرائيل وإيران، أصبح اللجوء إلى الملاجئ مشهداً يومياً في المدن الإسرائيلية، وركيزة أساسية لحماية المدنيين من الصواريخ، وفق ما أكدته تقارير إعلامية وشهادات رسمية أبرزها ما كشفه السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، الذي قال إنه اضطر إلى دخول الملجأ خمس مرات في ليلة واحدة، وأيضًا بسبب نقص الملاجئ في بعض المناطق، محطات القطار في إسرائيل تتحول لملاجئ للاحتماء من الصواريخ الإيرانية.
مشاهد الفزع والهلع المرافق لصفارات الإنذار
ولكن رغم ما توفره الملاجئ من شعور مؤقت بالأمان، فإن مشاهد الفزع والهلع المرافق لصفارات الإنذار كثيراً ما تتحول إلى مصدر خطر بحد ذاتها، ففي مارس الماضي، تسبب تدافع الناس في إصابة 13 شخصاً عندما دوت صافرات الإنذار في إسرائيل، بفعل صاروخ أطلق من اليمن، حتى قبل اندلاع المواجهة المفتوحة مع إيران.
ومع تعمق الخطر، تصدرت الملاجئ واجهة الدفاع المدني الإسرائيلي، فالهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على مدينة بيتح تكفا، والذي أصاب أحد الملاجئ بشكل مباشر وتسبب في جرح سبعة أشخاص، أعاد طرح تساؤلات حول جدوى هذه الحصون الأسمنتية، ومدى قدرتها على الصمود أمام تقنيات الصواريخ الحديثة، ويتم التحقيق حالياً فيما إذا كان الاختراق ناجماً عن خلل هندسي أم تطور في الترسانة الإيرانية.
وتعود قصة الملاجئ في إسرائيل إلى عام 1951، حين سنّت السلطات أول قانون يُلزم ببنائها في كل مدينة وقرية، وتطورت تلك السياسات مع تصاعد التهديدات الإقليمية، لاسيما في أعقاب هجمات صاروخية من العراق عام 1991، ومع مرور الوقت أصبح بناء غرفة محصنة «مماد» في كل بيت جديد إلزامياً للحصول على رخصة إنشاء.
ملاجئ مختلفة
وتتنوع أنواع الملاجئ ما بين العامة، والعائلية، والجماعية، وتُبنى جميعها وفق مواصفات صارمة باستخدام الخرسانة المسلحة والحديد الصلب، وبأنظمة تهوية خاصة، بل بات بعضها مزوداً بخدمة "واي فاي"، وتقول الجهات الرسمية إن نحو ثلثي سكان إسرائيل – أي ما يزيد على 6 ملايين شخص – يمكنهم الاحتماء في أكثر من مليون ملجأ موزعة على مستوى البلاد.
رغم ذلك، تظل فئة كبيرة من المواطنين – تحديداً العرب واليهود الفقراء – خارج هذا الغطاء. إذ يعاني سكان البلدات العربية، التي تشكل نحو ثلث السكان، من نقص شديد في الملاجئ، ما يُعرضهم لمخاطر مضاعفة، بل إن بعضهم يضطر للاحتماء بجدران الشوارع، أو لا يملك سوى الخيام في مناطق مثل النقب، حيث يعيش مئات الآلاف من البدو دون حماية تذكر.
وقد أدى غياب الحماية في هذه المناطق إلى سقوط ضحايا كُثر، بينهم أُم وابنتاها في بلدة طمرة، إثر سقوط صاروخ إيراني، ويشكو السكان العرب من تمييز ممنهج في تمويل البنية التحتية للدفاع المدني، وضعف ثقتهم بالمؤسسة العسكرية.
وفيما تنفي إسرائيل وجود تفرقة، وتؤكد أن نظامها الدفاعي لا يميز بين بلدة وأخرى، يبقى الخوف سيد الموقف في بلد صار الهروب إلى الملجأ سلوكاً يومياً لملايين يعيشون تحت وطأة القصف والقلق من المجهول.