عاجل

لمسة أخيرة لـ الشمس: وكالة ناسا تحقق إنجازًا تاريخيًا للبشرية

لمسة أخيرة لـ الشمس:
لمسة أخيرة لـ الشمس: وكالة ناسا تحقق إنجازًا

في لحظة تُعد من أعظم إنجازات البشرية في استكشاف الفضاء، "لمس" مسبار باركر الشمسي سطح الشمس للمرة الثالثة والأخيرة، مقتربًا منها بشكل لم يسبق له مثيل، المسبار التابع لوكالة ناسا دخل التاريخ من أوسع أبوابه بعدما اقترب إلى مسافة 6.1 مليون كيلومتر فقط من سطح نجمنا الأم، في إنجاز علمي غير مسبوق يُلقي الضوء على أسرار الشمس الغامضة ومستقبل طقس الفضاء.

اقتراب لا يُصدق من نجم مشتعل

مسبار باركر الشمسي، الذي أُطلق في 12 أغسطس 2018، أتمّ حتى الآن 23 مرورًا قرب الشمس فيما يُعرف بـ"الحضيض الشمسي"، وفي مروره الأخير، اقترب إلى مسافة مذهلة تُعادل 3.86 مليون ميل، أي تقريبًا أربع ياردات فقط لو مثّلنا المسافة بين الأرض والشمس بملعب كرة قدم أمريكية.

ما يجعل هذا الاقتراب أكثر إدهاشًا هو السرعة الهائلة التي يتحرك بها المسبار، والتي بلغت 690,000 كيلومتر في الساعة — أي أنه قادر على قطع المسافة بين فيلادلفيا وواشنطن في ثانية واحدة فقط!

حرارة لا ترحم ودرع من الكربون

في هذا الاقتراب الشديد، واجه مسبار باركر درجات حرارة تتراوح بين 870 و930 درجة مئوية، لكن رغم الظروف القاسية، ظلّ صامدًا بفضل درعه الحراري المصنوع من الكربون المركب، الذي يُعدّ أحد أبرز إنجازات الهندسة الفضائية الحديثة، ويُوفر الحماية من الحرارة والإشعاعات فوق البنفسجية القاتلة.

سر الهالة الشمسية ومصدر الرياح الشمسية

أحد الأهداف الأساسية لمهمة باركر هو كشف لغز الهالة الشمسية، وهي الغلاف الخارجي للشمس، والتي تبدو أكثر سخونة بملايين المرات من سطحها المرئي. هذه المنطقة مسؤولة عن انطلاق الرياح الشمسية، وهي تيارات من الجسيمات المشحونة تؤثر على الأرض وسواتلها ورواد الفضاء، وتسبب أحيانًا ظواهر مثل الشفق القطبي.

فهم هذا السلوك ضروري للتنبؤ بما يُعرف بـ"طقس الفضاء"، الذي يمكن أن يُحدث أعطالًا كبيرة في الاتصالات والكهرباء على الأرض.

كشف جديد: انفجارات مغناطيسية في قلب الشمس

في دراسة حديثة نُشرت في 3 يونيو، كشفت بيانات باركر عن ظاهرة تُعرف باسم "إعادة الاتصال المغناطيسي"، وهي عملية تنفجر فيها خطوط الحقول المغناطيسية، فتُطلق طاقة هائلة تسخّن الهالة الشمسية وتُسرّع الجسيمات.

قال الدكتور ميهير ديساي، أحد العلماء في معهد الأبحاث جنوب غرب تكساس، إن ما رآه باركر "يثبت كم هي قوية هذه الظاهرة قرب الشمس مقارنة بالأرض".

مستقبل باركر: نهاية ملحمية لمهمة تاريخية

رغم أنه لن يقترب أكثر من الشمس بعد الآن، سيستمر باركر في الدوران حولها، بعدما أنهى سلسلة من المناورات المعقدة باستخدام الجاذبية، خصوصًا من كوكب الزهرة.

لكن عاجلًا أو آجلًا، ستنفد وقود دافعاته، وسيتحول إلى قطعة محترقة في الفضاء. ومع ذلك، يتوقع العلماء أن يبقى درعه الحراري في مدار الشمس لآلاف السنين، كشاهد صامت على واحدة من أعظم مغامرات الإنسان العلمية.

تم نسخ الرابط