الأوقاف في آخر جمعة من ذي الحجة: حب الوطن والإبتعاد عن الشائعات واجب

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة آخر جمعة في ذي الحجة 1446 (آخر جمعة من السنة الهجرية) بعنوان: “إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك”.
وأشارت الوزارة إلى أن الهدف المنشود من هذه الخطبة والمراد توصيله للجمهور هو: التوعية بأهمية احترام الحياة الخاصة، وعدم التدخل في شئون الآخرين، وأن الخطبة الثانية تتناول حب الوطن والالتفاف الكامل حول قيادته الرشيدة.
إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك.. نص خطبة آخر جمعة في ذي الحجة
وقالت الأوقاف في موضوع خطبة الجمعة اليوم (آخر جمعة في ذي الحجة) إن الحياة الخاصة هي حصن الإنسان المنيع، وملاذه الآمن الذي لا يجوز لأحد أن يتعدى أسواره أو يخترق حواجزه أو يتجاوز خصوصيته، فهو حقه المكتسب ومساحته المقدسة التي يمارس فيها شؤونه بعيدا عن أعين المتطفلين وألسنة القيل والقال، وإذا أراد أحد أن يحافظ على حياته الخاصة، فليتبع المنهج المحمدي، فيلزم خاصة نفسه، ولا يتدخل في شؤون الآخرين، وليحترم خصوصياتهم، متأسيا بقول الجناب المعظم صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، سائلا نفسه قبل أن يتكلم: هل هذا الكلام يفيدني؟ هل هذا الشأن يعنيني فعلا؟ هل صاحب الأمر راض بسؤالي أو تدخلي؟
خطبة آخر جمعة في ذي الحجة..
وتابعت الأوقاف في حديثها بـ(آخر جمعة من ذي الحجة): أيها النبيل، في هذا العصر الرقمي حيث تتجاوز المعلومة الحدود وتنتشر بسرعة البرق تزداد مسؤوليتنا في الحفاظ على خصوصيات الآخرين وعدم التعدي عليها بنشر ما يسيء إليهم، أو يكشف سترهم، أو مشكلاتهم الزوجية أو تفاصيل حياتهم اليومية سعيا وراء (الترند) وجمع المتابعين والأموال، فيا من تتلصص على هواتف الآخرين ورسائلهم الخاصة، أما تخشى أن يطلع الله على سريرتك ويكشف ستر عورتك؟! يا من تنشر صورا أو مقاطع فيديو لأشخاص دون إذنهم، أما تدرك حجم الأذى النفسي الذي تلحقه بهم؟ أما تخاف من دعوة مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب؟! يا من تسأل أسئلة فضولية تخترق بها حياة الناس، يا من تتحدث في مجالسك عن عيوب الناس وزلاتهم، أما تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة».
التحذير من نشر الشائعات والأخبار المضللة
إياك أن تسرق صفحات التواصل الاجتماعي عمرك، حيث تجد نفسك غارقًا في تصفح لا ينتهي، واقعًا في شرك نشر الشائعات والأخبار المضللة التي تهدد نسيج المجتمع، إلى جانب التأثير السلبي على الصحة النفسية، حيث تتولد حالة من المقارنات الزائفة، والصور المبالغ فيها للحياة التي قد تورث شعورًا بالنقص والإحباط؛ مما يؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية وارتفاع معدلات الطلاق، كما صارت تلك المنصات مرتعًا للتنمر الإلكتروني والمراهنات بشتى أنواعها؛ والفتوى بغير علم، كما أنها تؤدي إلى العزلة الاجتماعية، فكلما زاد انغماسنا في العالم الافتراضي، قل تواصلنا المباشر مع أهلنا وأصدقائنا.
ويا أيها المكرم، تدبر بقلبك تشريعات مشددة وأحكاما مؤكدة تحفظ للإنسان حرمة بيته، وعورات نفسه، وأسرار حياته؟! ألم تسمع قول الله جل جلاله: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون}، فأي سياج أمنع، وأي حماية أكمل من تطبيق هذا الأدب الرفيع الذي يأمرنا بالاستئذان قبل الولوج إلى بيوت الآخرين؟ أليس هذا السياج يقينا شر النظرات الطائشة، ويكفل لأهل البيت خصوصيتهم وحرمتهم؟! إنها قاعدة إلهية في احترام كل خصوصيات الناس، ألم ينهنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عن انتهاك الخصوصيات بأي صورة بقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ».
فلماذا يتعدى البعض على وصايا الجناب المعظم التي تحذرنا من النبش في خفايا الناس، وكشف سترهم، وتتبع عثراتهم؟! سائلا غيره: كم راتبك؟ لماذا لم تتزوج بعد؟ متى تنجبون؟ يا أيها النبيل: إذا أردت السلامة من غيرك فاطلبها في سلامة غيرك منك!
دعاء السيدة زينب في خطبة الجمعة الأخيرة من ذي الحجة
يا عباد الله، عظموا الأمل في الله الكريم، واعلموا أن بلادكم محفوظة بحفظ الله لها، آمنة بنص القرآن الكريم {ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}، تحوطها دعوات آل بيت الجناب المعظم صلوات الله وسلامه عليه: «يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، جعل الله لكم من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا».
آخر جمعة في ذي الحجة.. حب الوطن والالتفاف الكامل حول قيادته الرشيدة
أيها الكرام، هذا أوان الالتفاف التام الكامل حول الوطن وقيادته الرشيدة، فالزموا غرز الوطن، واجتمعوا على حبه والبذل من أجله، ولنكن جميعًا يدًا واحدة، وقلبًا واحدًا خلف وطننا العظيم، نعمل بجد وإخلاص، وإياكم وسموم الشائعات التي تفتك بأوصال المجتمعات وقت الشدائد، تنتشر كالنار في الهشيم، وتهدف إلى بث الفزع في قلوبكم، وزرع القلق في نفوسكم، وزعزعة الاستقرار الذي هو قوام حياتكم، وتفريق الصف الذي هو حصن أمتكم، فهل نكون أداة طيعة في أيدي مروجي هذه الأكاذيب المسمومة؟! تحروا المعلومات من مصادرها الرسمية الموثوقة، وتأكدوا من صحتها قبل أن تنطقوا بها أو تنقلوها، وحاديكم هذا الوعيد المحمدي «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»، فكيف إذا كان ما يسمعه كذبا محضا أو مغلوطا يهدف إلى إثارة الفتنة؟ فلا تكونوا معاول هدم تفتت صروح الوطن، بل كونوا لبنات بناء راسخة، تزيد هذا الوطن قوة وعزة وإباء وشموخًا.
قدموا لوطنكم كل معاني البذل والعطاء، فمن استطاع منكم أن يضحي ببعض هامش ربحه؛ تخفيفا على أبناء وطنه فليفعل وله عند الله جل جلاله أجر لا تصفه الكلمات، وجزاء لا تحصيه الأرقام، كونوا إيجابيين، قاطعوا محتكري السلع ورافعي الأسعار، واعلموا أن تراب وطنكم المقدس يستحق البذل والتضحية والفداء بكل معانيه.