عضو هيئة كبار العلماء يوضح تفسير آية القتال في سورة البقرة

يظل تفسير سورة البقرة، وغيرها من سور القرآن الكريم، الشغل الشاغر لأذهان الكثيرين، خاصة حينما يتوقف أمام الآيات التي تحض على القتال.
تفسير الآية 246 من سورة البقرة
وفي بيان الآية 246 من سورة البقرة، حيث قوله تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا}، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الآية تسلط الضوء على الطبيعة الإنسانية التي تميل إلى التهرب من المسؤوليات الثقيلة، حتى لو كانت في سبيل استعادة الحقوق.
وأوضح أن التكليف بالقتال هو جزء من سنن الله في الأمم، لكنه يظل استثنائيًا ومشروطًا بالدفاع عن النفس ورفع الطغيان، وليس من أجل العدوان أو الظلم، مشيرًا إلى أن الإسلام لا يكتفي بالدفاع عن الحق، بل يوجب الإعداد المسبق: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (الأنفال: 60).

ولفت في تفسيره آية سورة البقرة إلى الهدف من الإعداد هو تحقيق الردع: "تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ"، أي خلق توازن قوى يمنع الأعداء من التفكير في الاعتداء.
لماذا شرع القتال في الإسلام؟
وقال علي جمعة إن الإسلام يرفض الاحتلال والظلم: الإخراج من الديار والأموال حرام شرعًا، لذا أقرّ القرآن حق القتال لاسترداد الحقوق.
كما أن الجهاد يضمن العدالة والكرامة، ويهدف إلى إنهاء الطغيان وليس إرساء الاستعمار أو الاستغلال.
وأردف: الإسلام يفرّق بين من يرفض المشاركة في القتال قبل بدء التحرك وبين من يتراجع أثناء المعركة، والقوانين الحديثة المستمدة من هذا الفهم القرآني تجيز الانسحاب قبل الانخراط الفعلي، لكنها تعتبر التراجع أثناء المعركة خيانة وجريمة.
قوانين الخدمة العسكرية
وأكد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر على أن الآية تدل على أن القرآن ليس مجرد كتاب تاريخي أو روحي، بل هو كتاب هداية وتشريع يصلح لكل زمان ومكان.
قوانين الخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري التي تميز بين الانسحاب قبل التحرك والتولي يوم الزحف هي مثال على ذلك.
وتشير الآية إلى أن الخير لا ينعدم، وأن المجتمعات دائمًا تحتوي على عناصر صالحة يمكنها قيادة التغيير، وأن الظلم هنا يتمثل في معصية الله، إذ أن النفس مملوكة لله، ورفض الطاعة هو تعدٍ على ملكيته.
واختتم بأن القرآن ليس قصة ماضية أو تراثًا جامدًا، بل هو كتاب هداية للعالمين لمن أراد أن يجعله كذلك وإذ به يعطي كل يوم جديد تستطيع به أن تحيا في حياتك.
