أسواق الغاز المسال تترقب.. توترات جديدة تعيد التسعير إلى الواجهة

في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إيران وإسرائيل، وما تفرضه من ضغوط متزايدة على أمن الطاقة في الشرق الأوسط، دخلت أسواق الغاز الطبيعي المسال (LNG) في موجة جديدة من الترقب وعدم اليقين، مع تغيرات ملموسة في خريطة العرض والطلب العالمية.
الطلب الآسيوي يرتفع.. والأسعار تتحرك
تشهد الأسواق الآسيوية – وعلى رأسها الصين والهند وكوريا الجنوبية – زيادة في الطلب على شحنات الغاز المسال الفوري، مدفوعة بموجة حرارة مبكرة وعودة النشاط الصناعي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحنات الفورية فوق 12 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بعد فترة استقرار نسبي في الشهور الماضية.
أوروبا تعيد حساباتها.. ومخزونات الصيف في خطر
في المقابل، تواجه أوروبا تحديات حقيقية في إعادة ملء مخزونات الغاز استعدادًا لشتاء 2025، خاصة بعد استهداف منشآت الغاز الإسرائيلية واحتمالات توسع دائرة الصراع في شرق المتوسط. وبدأت بعض الدول الأوروبية في إعادة جدولة استيراد شحنات الغاز المسال من مصادر بديلة مثل الولايات المتحدة ونيجيريا وقطر.
مصر: استقرار محدود وفرص تصديرية مرهونة بالإنتاج
في هذا السياق، تبرز مصر كطرف فاعل ومراقب في آن واحد. فعلى الرغم من امتلاكها بنية تحتية متطورة لتسييل الغاز من محطتي إدكو ودمياط، إلا أن قدرتها التصديرية تتأثر بحجم الإنتاج المحلي الذي تراجع خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة تآكل إنتاج الحقول التقليدية، في مقابل مساهمات حقل "ظهر" التي تبقى حجر الأساس في معادلة التصدير.
وتشير بيانات سابقة إلى أن مصر صدّرت أكثر من 8 ملايين طن من الغاز المسال في عام 2022، لكن هذا الرقم تراجع إلى أقل من 4 ملايين طن في 2023، مع ترجيحات باستقرار الصادرات خلال 2024 عند مستوى قريب، ما لم يحدث تحسن في الإنتاج أو توقيع عقود استيراد جديدة.
خطة مصرية طارئة لتأمين الاحتياجات الداخلية
ردًا على هذه المستجدات، أعلنت الحكومة المصرية تفعيل خطة طوارئ مسبقة لتأمين إمدادات الغاز والكهرباء خلال الصيف الجاري، تشمل:
ترشيد استهلاك الكهرباء في المؤسسات الحكومية والمباني العامة.
تقليل الإنارة في الشوارع بنسبة لا تقل عن 30%.
اعتماد برامج للتوعية بأهمية الصيانة ورفع كفاءة الأجهزة الكهربائية.
متابعة دقيقة لأداء محطات الكهرباء العاملة بالغاز، لتحديد الأولويات بين التصدير والاستهلاك المحلي.
وأكد مصدر مسؤول بوزارة البترول لـ"نيوز رووم" أن الأولوية المطلقة هذا الصيف هي ضمان استمرار التغذية الكهربائية دون انقطاعات، ما يعني أن الصادرات ستكون مرهونة بمستوى الاستهلاك الفعلي اليومي، وهو ما قد يؤثر على الكميات المتاحة للتصدير، خصوصًا من محطة دمياط التي عادة ما يتم استخدامها لتغطية تعاقدات السوق الفوري في أوروبا وآسيا.
مستقبل ضبابي ولكن ليس بدون فرص
يرى خبراء الطاقة أن مرونة مصر في إدارة تدفقات الغاز بين السوق المحلي والتصدير تمثل نقطة قوة، لكنها تتطلب تحديثًا سريعًا في نماذج الإنتاج وتوسعة الحقول المكتشفة حديثًا. كما أن التعاون الإقليمي عبر منتدى غاز شرق المتوسط قد يوفر فرصة لإعادة توزيع الأدوار في حال تضررت منشآت الغاز في دول الجوار.