عاجل

هل يؤثر النعاس على صحة الوضوء؟ دار الإفتاء توضح الحكم

الوضوء
الوضوء

يثير موضوع النعاس أثناء الصلاة أو قبيلها اهتمامًا متزايدًا بين المسلمين، خاصة في أوقات التعب أو بعد عناء العمل، وقد يتساءل كثيرون: هل يؤثر النعاس على صحة الوضوء؟ وماذا إن غلب على المصلّي أثناء السجود أو الجلوس بين السجدتين؟

أسئلة تبدو بسيطة، لكنها تحمل أبعادًا فقهية وعملية وروحية تحتاج إلى توضيح مدروس وفق ضوابط الشرع.
 

النعاس لا ينقض الوضوء.. إلا في حالات معينة

 

بدايةً، يُفرَّق شرعًا بين النعاس الخفيف والنوم العميق، فليس كل غفوة تُبطل الوضوء.

جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه:


 

“كان أصحاب رسول الله ﷺ ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون”.

(رواه مسلم)


 

واستدل العلماء من هذا الحديث أن النعاس الخفيف لا يُنقض الوضوء، طالما لم يصل إلى حد فقدان الشعور الكامل أو “ذهاب العقل”، أي النوم الثقيل الذي لا يشعر فيه الإنسان بما يخرج منه.


 

وقد ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن النوم الناقض للوضوء هو ما كان عميقًا، يزول معه الإحساس، سواء كان جالسًا أو مضطجعًا.

أما النعاس الذي يكون فيه الشخص مستيقظًا جزئيًا، يشعر بمن حوله، ويستطيع التحكم بنفسه، فلا يُعتبر ناقضًا للوضوء.
 

في الفقه الحنفي: الضابط هو هيئة النوم لا عمقه
 

تميّز الفقه الحنفي بتفصيل أدق، حيث اعتبر أن النوم لا ينقض الوضوء إذا كان الشخص نائمًا في وضع لا يسهل فيه خروج شيء من السبيلين، مثل الجلوس المتماسك.


 

ووفق هذا المذهب، فلو نام الإنسان جالسًا متمكنًا من جلسته بحيث لو خرج منه شيء لأحسّ به، فإن وضوءه يبقى صحيحًا، ولو طال نومه.

أما إن نام مضطجعًا أو مستلقيًا أو في وضع غير مستقر، فهنا يُحتمَل خروج شيء دون أن يشعر، وبالتالي يُعتبر نومه ناقضًا للوضوء.

 

النعاس أثناء الصلاة.. هل يُبطلها؟
 

من الناحية العملية، إذا غلب النعاس على المصلّي داخل الصلاة، كأن أغلق عينيه وبدأ يتمايل أو ينسى ما قرأه أو يسهو في عدد الركعات، فهذا مؤشر خطر.


 

لكن النعاس بحد ذاته لا يُبطل الصلاة ما لم يؤدّ إلى فقدان العقل أو القيام بحركة تبطلها، مثل السقوط أو الانقلاب أو التحدث بلا وعي.


 

إلا أن الفقهاء أكدوا أن الصلاة في حالة نعاس تُنافي الخشوع المطلوب، ويُستحب لمن شعر بالنعاس أن يؤخّر صلاته – إن كانت نافلة – حتى ينشط ذهنه ويتحقق الخشوع.


 

وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:


 

“إذا نعس أحدكم في الصلاة، فليرقد حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لا يدري لعلّه يستغفر فيسبّ نفسه”.

(رواه البخاري ومسلم)
 

أثر النعاس في الجانب الروحي والسلوكي

 

لا يخفى أن الصلاة ليست مجرّد حركات وأقوال، بل هي صلة بين العبد وربه، ومن أهم مقاصدها الخشوع، الذي يتنافى مع الغفلة والسهو والنعاس.

ويحذّر العلماء من التساهل في أداء الصلاة في حالة الإرهاق الشديد، إذ يفقد المصلي كثيرًا من الروحانية والذوق التعبدي، وقد يؤدي تكرار ذلك إلى عادة سلبية تهدر روح العبادة.


 

ويُنصح المسلم، إن شعر بالتعب أو النعاس قبل الصلاة، أن يغسل وجهه، ويجلس قليلًا ليستعيد تركيزه، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، حتى يتمكن من أداء الصلاة بخشوع ووعي

تم نسخ الرابط