عاجل

خبير أمن المعلومات: ترامب يسعى لإنشاء منظومة إعلامية تخدم مصالحة السياسية

محمد الحارثي
محمد الحارثي

قال محمد الحارثي ، خبير أمن المعلومات ، إن إطلاق منظمة ترامب لشبكة اتصالات جديدة تحت اسم Trump Mobile، يأتي كجزء من توسع "Trump Media & Technology Group"، التي أُسست عقب انتهاء الولاية الأولى للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، وفي ظل القيود التي فُرضت عليه من قبل العديد من منصات التواصل الاجتماعي.

 ترامب يعود بسلاح التكنولوجيا

وأوضح الحارثي في تصريحات خاصة لنيوز رووم، أن ترامب، الذي يتمتع بقدرات مالية ضخمة، قرر التوسع في مجال التكنولوجيا والاتصالات، عبر إنشاء شركته الإعلامية والتكنولوجية التي تملك مجموعة من المنصات والخدمات. وأشار إلى أن هذه الخطوة تعكس اهتمام ترامب الواضح بالاستثمار في هذا المجال، لا سيما بعد التضييق على نشاطه الإعلامي.

قنوات إعلامية داعمة

وأكد محمد الحارثي ، أن دونالد ترامب يملك شغفًا خاصًا بامتلاك منصات إعلامية خاصة، يمكن أن تصبح أدوات فعالة لخدمة مصالحه في حال استُبعد من المنصات التقليدية. ومن خلال هذه الشبكات، يستطيع ترامب تسويق أفكاره وسياساته بحرية أكبر.

استثمار سياسي واقتصادي

أشار محمد الحارثي ، إلى أن دونالد ترامب، باعتباره ينتمي إلى التيار المحافظ واليميني، يسعى من خلال هذه المنظومة الإعلامية إلى تقديم خطاب سياسي يعبر عن توجهاته، خاصة في ظل عدم توافق كثير من المنصات الإعلامية الكبرى مع سياساته. كما أن الاستثمار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يمثل فرصة اقتصادية كبيرة تدر عائدات ضخمة، إلى جانب الدور السياسي الذي تلعبه هذه المنصات.

"Trump Mobile" مشروع سياسي بنكهة تكنولوجية

وفي خطوة تعكس مزيجًا من الطموح التجاري والتوجه السياسي، أعلنت منظمة ترامب عن إطلاق شبكة اتصالات جديدة تحمل اسم "Trump Mobile"، في توقيت حساس يسبق انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. الإعلان لم يكن مجرد عرض لخدمة هاتفية، بل بدا وكأنه رسالة انتخابية غير مباشرة تعكس رؤية دونالد ترامب وأسرته لما يجب أن تكون عليه التكنولوجيا في أميركا: وطنية، محافظة، ومصنوعة بأيادٍ أميركية خالصة.

وجاء الإعلان من داخل برج ترامب في نيويورك، المكان الذي انطلقت منه حملة ترامب الرئاسية الأولى قبل عشر سنوات، مما أضفى على اللحظة طابعًا رمزيًا. وقد بدا واضحًا أن المشروع لا يستهدف فقط الجانب التجاري من قطاع الاتصالات، بل يسعى لبناء منصة تُخاطب قطاعًا واسعًا من القاعدة الشعبية المؤيدة لترامب، عبر مزج الهوية الوطنية بالخدمات الرقمية.

الخدمة الجديدة، التي تُطلق تحت مسمى "The 47 Plan"، في إشارة إلى طموح ترامب ليكون الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، ستوفر باقات اتصالات غير محدودة مقابل 47.45 دولارًا شهريًا. وتتيح الباقة مكالمات ورسائل نصية غير محدودة، إلى جانب تغطية بيانات من خلال الشراكة مع أكبر ثلاث شركات اتصالات أميركية: Verizon، AT&T وT-Mobile. وتُضاف إلى الخدمة مزايا أخرى، مثل الرعاية الطبية عن بُعد والمساعدة على الطريق، وهي خدمات قلما تقدمها شركات الاتصالات التقليدية ضمن باقاتها الأساسية.

إلا أن العنصر الأكثر إثارة للجدل هو الهاتف الجديد الذي تنوي الشبكة طرحه في الأسواق تحت اسم "T1 Phone". الجهاز الذهبي اللون، الذي يروج له بأنه "صُنع بفخر في الولايات المتحدة"، يأتي بسعر 499 دولارًا، ويُنتظر أن يكون متاحًا في الأسواق بحلول سبتمبر المقبل. ولم تُفصح المنظمة عن اسم الشركة المصنعة للهاتف أو تفاصيل نظام التشغيل، ما يفتح الباب أمام تساؤلات تقنية وأمنية حول مدى جاهزية الجهاز للمنافسة في سوق مزدحم.

وبينما قد يبدو إطلاق Trump Mobile مبادرة اقتصادية محضة، إلا أن الرسائل السياسية المبطنة لا يمكن تجاهلها. فقد تكرر خلال المؤتمر الصحفي الحديث عن "استعادة السيطرة" و"دعم الجنود" و"حماية القيم الأميركية"، وهي عبارات تتناغم مع خطاب ترامب السياسي المعتاد. وتحدث ممثلو الشركة عن التزامهم بتوظيف عمال أميركيين فقط، وبأن خدمة العملاء ستكون من داخل البلاد، وليس من مراكز خارجية كما تفعل بعض الشركات الكبرى.

رغم الحماس الذي رافق الإعلان، يواجه المشروع تحديات ليست سهلة. سوق الاتصالات الأميركية من أكثر الأسواق تنافسية في العالم، وتسيطر عليه شركات عملاقة تمتلك بنية تحتية ضخمة واستثمارات بمليارات الدولارات. أما Trump Mobile، فهي في الواقع شبكة افتراضية (MVNO)، تعتمد على شبكات الآخرين لتقديم خدمتها، ما قد يُضعف من قدرتها على التوسع المستقل أو تقديم مزايا تقنية حصرية.

وعلاوة على ذلك، لا تخلو المبادرة من الجدل السياسي. فبعض المراقبين يرون أن ترامب، عبر هذه الشبكة، يوسع نفوذه داخل المجال الرقمي ليضمن التواصل المباشر مع مؤيديه، خصوصًا بعد القيود التي واجهها على وسائل التواصل الاجتماعي خلال حملته السابقة. كما يُثار الحديث مجددًا عن احتمال تعارض المصالح، خاصة وأن ترامب لا يزال شخصية سياسية نافذة، وقد تُمثل أي أرباح من هذه الشبكة مصدرًا للجدل القانوني والدستوري.

في النهاية، قد لا يكون Trump Mobile مجرد شركة اتصالات جديدة تدخل السوق، بل مشروعًا يعكس طموح ترامب في بناء "عالم موازٍ" خاص به، يشمل الإعلام، والاقتصاد، والتكنولوجيا. وبينما يبقى نجاح المشروع التجاري محل اختبار، فإن الرسالة السياسية قد وصلت بالفعل، وبوضوح لا يحتاج إلى ترجمة.

تم نسخ الرابط