عاجل

زواج الأطفال بين قيد العادات ونور الشريعة..ندوة علمية بأوقاف أسيوط

ندوة زواج الأطفال
ندوة زواج الأطفال بأوقاف أسيوط

عقدت مديرية أوقاف أسيوط ندوة علمية الكبرى بمسجد الرحمة بمدينة أسيوط الجديدة تحت عنوان: "زواج الأطفال بين العرف الفاسد ورأي الشرع".

وعقدت الندوة بحضور  كوكبة من علماء مديرية أوقاف اسيوط الشيخ محمد عبد اللطيف محمود مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بالمديرية  و الدكتور عبد الفتاح بهيج العواري عميد كلية الشريعة والقانون  و الشيخ ناصر محمد السيد على مدير المتابعة و الشيخ محمود شاهين احمد دسوقي مدير إدارة أوقاف الفتح قبلي وفضيلة الشيخ مصطفى حسين  معوض  أمام وخطيب بإدارة أوقاف الفتح قبلي. 

 

استُهِلّت الندوة بتلاوة  عطرة لآيات من الذكر الحكيم، تلاها بصوتٍ عذبٍ ونَغمةٍ خاشعة فضيلة الشيخ مصطفى حسين معوض، ذلك الصوت الشجيّ النديّ الذي انسابت تلاوته في القلوب كنسيمٍ رقراق، فحلّ السكون، وخيّم الخشوع، وكأن الأرواح قد ارتفعت معه في رحلة إيمانية سامية نحو عنان السماء، متفيئة ظلال القرآن وجلال معانيه.

أعقب التلاوة الكلمة الافتتاحية للشيخ محمد عبد اللطيف محمود، الذي قدّم رؤية شاملة حول خطورة ما يعرف بـ "زواج الأطفال"، مؤكدًا أن هذه الظاهرة لا تمت بصلة إلى منهج الإسلام القويم، ولا تنسجم مع روحه القائمة على الرحمة والعقل والرشد.

أركان الزواج

تحدّث عن أبعاد هذه الظاهرة، موضحًا أن الزواج في الإسلام يقوم على أركان واضحة وأسس متينة لا تقبل العبث ولا الانجرار وراء أعراف اجتماعية فاسدة. وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سنًّا رقميًا للزواج، ولكنها اشترطت النضج العقلي والقدرة النفسية والجسدية، والاستعداد لتحمل المسؤولية، وهو ما لا يتوافر في مرحلة الطفولة. واستشهد بقول النبي ﷺ: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج"، موضحًا أن الحديث لا يدعو إلى تعجيل الزواج بقدر ما يربطه بالاستطاعة الكاملة، والتي لا تتوفر لدى الأطفال.

 أكد أن العرف الذي يخالف الشريعة لا يُحتج به، بل يُردّ، مشددًا على أن تزويج الأطفال نوع من الظلم الاجتماعي المغلف باسم التقاليد، وهو في جوهره إيذاء جسيم لنفوس بريئة وحرمان من أبسط حقوق الطفولة في اللعب والنمو والتعلم.

ثم ألقى الدكتور عبد الفتاح بهيج العواري، عميد كلية الشريعة والقانون كلمته، الذي تناول الموضوع من الناحية الشرعية والفقهية بصورة علمية ، بيّن خلالها أن النكاح في حقيقته ميثاق غليظ، لا يُعقد إلا بين بالغين عاقلين تتوافر فيهم أهلية القبول والتمييز والاختيار. وأكد أن زواج القاصرات يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية، التي جاءت لحفظ الإنسان في دينه ونفسه ونسله وعقله، مشيرًا إلى أن المودة والرحمة اللتين جعلهما الله أساسًا للعلاقة الزوجية لا يمكن أن تنشآ بين طرفين أحدهما لا يزال في طور الطفولة.

و أشار الدكتور العواري إلى أن الإسلام كرّم الطفولة، وجعلها مرحلة بناء ورعاية لا مرحلة تكليف ومسؤولية، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾، أي لا تسلموا الأمور لمن لا يحسن إدارتها، فكيف بمن لا يدرك طبيعة الزواج وأعباءه؟ وأضاف أن الفقهاء أجمعوا في العصر الحديث، من خلال المجامع الفقهية وفتاوى الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، على أن تزويج الأطفال مرفوض شرعًا، ويجب منعه حفاظًا على كرامة الإنسان ومصلحة الأسرة والمجتمع. وختم حديثه بدعوة صادقة إلى إعادة النظر في الأعراف الاجتماعية، وعدم تسويغها دينيًا إذا خالفت النصوص أو المقاصد، مؤكدًا أن الإسلام دين الرحمة لا القسوة، ودين البناء لا الهدم.

ثم تحدث الشيخ ناصر محمد السيد علي مدير المتابعة بالمديرية بكلمة ختامية شاملة، أكد فيها أن وزارة الأوقاف تولي هذه القضايا اهتمامًا بالغًا، وتسعى جادة لتفكيك المفاهيم المغلوطة التي تُمارس باسم الدين وهي منه براء. وأشار إلى أن المجتمع بحاجة ماسة إلى مزيد من الوعي، والتواصل المستمر بين العلماء والناس، وتكثيف الندوات والمحاضرات والمجالس العلمية التي تتناول قضايا الأسرة من منظور شرعي متزن، بعيدًا عن الغلو أو التساهل. ودعا جميع الحاضرين إلى أن يكونوا سفراء وعي في بيوتهم ومحيطهم الاجتماعي، مؤكدًا أن الدعوة لا تقتصر على منبر المسجد، بل تمتد إلى كل كلمة ناصحة وكل موقف مسؤول.

تم نسخ الرابط