رغم السيطرة المطلقة في شوط المباراة الأول، خرج الأهلي متعثرًا أمام إنتر ميامي في مستهل مشوار الفريق ببطولة كأس العالم للأندية بتعادل سلبي لا يُرضي طموحًا ولا يُناسب حجم الفريق، في مستهل مشوار البطولة التي كان يُعوّل عليها كثيرًا جمهور القلعة الحمراء. تعادل بطعم الهزيمة، لأن ملامح الفوز كانت حاضرة بوضوح، ولكنها ذهبت أدراج الرياح بسبب أخطاء متكررة، وسيناريو لا يليق بفريق بحجم الأهلي، لا فنيًا ولا ذهنيًا.
دخل الأهلي اللقاء وهو الطرف الأفضل من كافة الجوانب. سيطرة واضحة، انتشار منظم، واستحواذ جعل المنافس الأمريكي شبه غائب عن الصورة، لا سيما في أول 45 دقيقة. تميزت تحركات الأهلي بالسرعة، وشكّلت الجبهة اليسري مصدر الخطورة الأكبر بفضل الانطلاقات المتكررة، وظهرت نوايا الفريق مبكرًا في تسجيل هدف يفتح به الطريق إلى فوز مقنع. ولكن كما يقول أهل الكرة: "اللي ما يسجل، يستقبل"، وحتى إن لم يُستقبل هدف، فإن العقوبة جاءت بشكل مختلف.
ركلة الجزاء التي احتُسبت في نهاية الشوط الأول كانت لحظة مفصلية، لا بسبب الإهدار فقط، ولكن بسبب ما تبعها من ارتباك ذهني، واهتزاز جماعي. والأدهى أن الغموض صاحب حتى قرار التنفيذ. لم يكن هناك ترتيب واضح، فظهر تريزيجيه في لقطة استعراض أكثر منها مسؤولية قرر أن يسدد، دون اعتبار لموقف المباراة أو حالة الحارس، أو حتى لزميله الأنسب في هذه اللحظة. فكانت النتيجة: إهدار فرصة لا تُعوض، ومنح إنتر ميامي شحنة معنوية أعادتهم إلى أجواء اللقاء.
المدير الفني خوسيه ريبيرو ارتكب بدوره أخطاء فنية قاتلة. تغييرات غير مفهومة، وتوقيتات لم تراع إيقاع اللقاء ولا احتياجاته. فقد الفريق خطورته تدريجيًا بعد التبديلات، وتراجع الأداء الجماعي لصالح اجتهادات فردية غير منضبطة. إخراج العناصر الأكثر تأثيرًا من الملعب، والدفع بأسماء لم تدخل الأجواء كما ينبغي، أفقد الأهلي القدرة على الضغط والسيطرة، ومنح ميامي فرصة للخروج بنقطة لم تكن ضمن حساباتهم.
رغم كل ذلك، كان جمهور الأهلي هو البطل الحقيقي في المدرجات. حضور جماهيري طاغٍ، تجاوز ثلاثة أرباع سعة الملعب، رغم بُعد المكان. أصوات لم تهدأ، وتشجيع لا ينقطع، وولاء لا يعرف المسافات. ولكن، هل يستحق هذا الجمهور خيبة أداء؟ هل يُجازى بهذا الأداء الباهت رغم الدعم الأسطوري؟ بالتأكيد لا.
الأهلي فقد نقطتين كانتا في المتناول، لا بسبب قوة الخصم، بل بسبب قرارات خاطئة وسوء إدارة فنية ولحظات من الغرور الفردي. والأسوأ أن الفريق لم يستفد من مجريات الشوط الأول، بل انقلبت الأمور رأسًا على عقب مع صافرة بداية الشوط الثاني. ومع اقتراب مواجهات حاسمة أمام بالميراس وبورتو، لا بد أن تُقرع أجراس الإنذار، لأن المنافسين القادمين لا يلعبون على نصف فرصة، ولا يسامحون في التفاصيل الصغيرة.
الفرق الكبرى تُبنى على الانضباط، لا على حب الظهور، والفردية لا مكان لها في البطولات العالمية. البعض داخل الأهلي لا يزال أسير "لقطة السوشيال"، يلعب لذاته لا للفريق، وكأن النتيجة أقل أهمية من لحظة ضوء خاطفة أمام الكاميرات. ومَن يعرف حسين الشحات جيدًا، سيدرك أنه بات مطالبًا بأن يُغيّر هذا النمط، فالموهبة وحدها لا تكفي حين يغيب التركيز، وتغيب المسؤولية الجماعية.
لا مجال للتكرار، ولا وقت للتجريب. التركيز والانضباط والانصهار في روح الجماعة، هي مفاتيح العبور. وعلى الجميع أن يدرك أن البطولات لا تُحسم بالمراوغات، بل بالعقل، ولا تُكسب بالمهارات الفردية فقط، بل بالتكامل والتضحية والالتزام التكتيكي.
الفرصة لا تزال قائمة، لكن الثمن ارتفع والأهلي كما يعرفه تاريخه لا يقبل بأقل من الذهب، شريطة أن يكون الجميع على قدر الشعار الذي يرتدونه، وأن تلعب الأقدام من أجل الجماهير، لا من أجل اللقطة.