خوفاً من وقوع كارثة إشعاعية.. الجيش الإسرائيلي ينفي ضرب مفاعل "فوردو" النووي

امتنع الجيش الإسرائيلي عمداً عن ضرب مفاعل فوردو النووي الإيراني في حملته الأخيرة من الغارات الجوية، وسط مخاوف من أن الهجوم قد يؤدي إلى وقوع حادث إشعاعي خطير.
ويبدو أن القرار، بحسب محللين غربيين ومصادر إسرائيلية، يعكس المخاوف من أن قصف الموقع تحت الأرض الذي يُعتقد أنه يحتوي على يورانيوم صالح للاستخدام في صنع الأسلحة تقريباً قد يؤدي إلى إطلاق مواد مشعة في البيئة، مما يؤدي في واقع الأمر إلى خلق "قنبلة نووية".

منشأة فوردو
وتُعد منشأة فوردو، المدفونة في عمق جبل ضمن قاعدة للحرس الثوري، من أكثر المنشآت النووية الإيرانية أمنًا. زعمت إيران يوم السبت أن فوردو لحقت بها "أضرار محدودة" جراء الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، لكن إسرائيل نفت تورطها.
وصرح مصدر عسكري إسرائيلي: "لسنا على علم بتعرض منشأة فوردو للقصف، لا من قِبلنا ولا من قِبل آخرين. قد تكون حربًا نفسية إيرانية".
عملية “الأسد الصاعد”
ويتناقض هذا الضبط مع الضربات الإسرائيلية الواسعة في أماكن أخرى ضمن عملية “الأسد الصاعد” بما في ذلك الأضرار الجسيمة التي لحقت بمركز نطنز للتخصيب ومنشأة في أصفهان حيث يُحوّل اليورانيوم المخصب إلى معدن - وهي خطوة حاسمة في عملية التسلح.
استهداف تسعة مسؤولين نوويين وعسكريين إيرانيين
كما أكد جيش الدفاع الإسرائيلي استهداف تسعة مسؤولين نوويين وعسكريين إيرانيين كبار ، بمن فيهم رئيس الطاقة الذرية السابق فريدون عباسي والفيزيائي محمد مهدي طهرانجي.
رغم هذه الضربات، لم تستهدف إسرائيل بعدُ أكثر مخزونات إيران حساسيةً من اليورانيوم المخصب، والموجودة في مجمع ضخم خارج أصفهان. ووفقًا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تمتلك إيران الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى مستويات قريبة من مستوى الأسلحة لصنع تسع قنابل نووية على الأقل - وربما عشر قنابل.
وحذر نتنياهو من أن طهران اتخذت مؤخرًا خطوات غير مسبوقة نحو تحويل هذه المادة إلى أسلحة، ويمكنها إنتاج سلاح نووي "في غضون أشهر أو حتى أسابيع" إذا تُركت دون رادع.
توجيه ضربة مباشرة لـمفاعل فوردو يُسبب تلوثًا إشعاعيًا
لكن المحللين يعتقدون أن توجيه ضربة مباشرة لمنشآت التخزين في فوردو أو أصفهان قد يُسبب تلوثًا إشعاعيًا. وصرح جون وولفستال من اتحاد العلماء الأمريكيين: "إن عدم قصف إسرائيل للمنشأة المعروفة يُثير القلق من أن تُسبب مثل هذه الضربة حدثًا إشعاعيًا. أو يعتقدون أن هذه العملية قد تُقنع إيران بالتخلي عن مخزونها طواعيةً".
وقال رافائيل جروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لصحيفة نيويورك تايمز، إن المفتشين تحققوا مؤخرا من مخزون اليورانيوم بالقرب من أصفهان استعدادا للتقرير النووي الفصلي للوكالة.
ضرب مفاعل أوزيراك العراقي
يُحاكي حذر إسرائيل عملياتٍ سابقة. ففي عام 1981 ، ضربت مفاعل أوزيراك العراقي قبل إدخال الوقود النووي. واتبعت النهج نفسه في عام 2007 مع المفاعل السوري المشتبه به، متجنبةً بذلك التلوث البيئي.
وأشاد الرئيس دونالد ترامب، الذي عاد إلى منصبه في يناير، بالعملية الإسرائيلية يوم الجمعة وحذر من أن "هناك المزيد في المستقبل - وسوف تكون وحشية".
مع استمرار العملية، لا تزال العناصر الأكثر تحصينًا وخطورة في البنية التحتية النووية الإيرانية على حالها - على الأقل في الوقت الحالي. لكن قرار التريث قد يشير إلى صبر استراتيجي ومخاطرة محسوبة لتجنب تداعيات بيئية أو جيوسياسية أوسع.