اختبار دم بسيط يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بـ 3 سنوات!

هل يمكن لاختبار دم بسيط أن يغير مستقبل تشخيص السرطان؟ يبدو أن العلم في طريقه لتحقيق ذلك بالفعل، بعد أن توصّل باحثون إلى تقنية واعدة قد تكشف وجود الأورام الخبيثة في الجسم قبل سنوات من ظهور أي أعراض واضحة، هذه الدراسة الجديدة، التي قادها باحثون من جامعة جونز هوبكنز، تفتح الباب أمام حقبة جديدة من الطب الوقائي الذي قد ينقذ حياة آلاف المرضى حول العالم.
سرطان بلا أعراض.. لكن الدم يتحدث!
العديد من أنواع السرطان تبدأ في التكوّن داخل الجسم دون أن تترك أي أثر ظاهر، لتظل صامتة لسنوات حتى تُكتشف في مراحل متقدمة. لكن في هذا البحث الجديد، رصد العلماء شظايا دقيقة من الحمض النووي للورم – تُعرف باسم الحمض النووي المنتشر من الورم (ctDNA) – داخل عينات دم لأشخاص لم يكن لديهم أي مؤشرات مرضية في ذلك الوقت.
بفضل تقنيات تحليل متقدمة، تمكّن الفريق من تحديد هذه الإشارات الجينية المبكرة بدقة، وهو ما يمنح الأطباء فرصة ذهبية للتدخل في مرحلة مبكرة يكون فيها العلاج أكثر فاعلية وأقل تعقيدًا.
3 سنوات قبل التشخيص..فرصة للتدخل المبكر
الباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور "يوكسوان وانغ"، أشار إلى أن الكشف عن السرطان قبل ثلاث سنوات من التشخيص الإكلينيكي "يمنح الأطباء وقتًا ثمينًا للتدخل المبكر". ففي هذه المرحلة، غالبًا ما تكون الأورام صغيرة ولم تنتشر، مما يجعل فرص الشفاء أعلى.
اعتمدت الدراسة على عينات من دراسة صحية طويلة الأمد تُعرف باسم ARIC، وتضم آلاف المشاركين منذ ثمانينيات القرن الماضي. وتم تحليل عينات قديمة تعود لسنوات ما قبل تشخيص السرطان، مما أتاح للعلماء تتبّع التغيرات الجينية التي حدثت بشكل طبيعي بمرور الوقت، بعيدًا عن بيئة المعمل الاصطناعية.
اختبار دم.. قد يصبح جزءًا من الفحص الدوري
نتائج الدراسة تدعم بقوة مستقبل ما يُعرف باختبارات الكشف المبكر متعددة السرطانات (MCED)، والتي تهدف إلى فحص مجموعة واسعة من السرطانات من خلال تحليل عينة دم واحدة. ويعتقد الباحثون أن هذه التقنية، إذا ما طُبّقت ضمن الفحوصات الدورية، يمكن أن تُحدث ثورة في طريقة التعامل مع الأمراض المزمنة.
فبدلاً من الانتظار حتى يشعر المريض بعَرَض ما، يمكن للطبيب أن يكتشف وجود خطر محتمل في الجسم مبكرًا جدًا، وهو ما يفتح المجال أمام علاجات وقائية أو تدخّلات مبسطة تقلل من المعاناة الطبية والنفسية.
آمال وتحديات مستقبلية
ورغم الأمل الكبير الذي تبشر به الدراسة، لا تزال هناك تحديات قائمة. فهناك حاجة لتحسين دقة التحاليل وتجنّب النتائج الإيجابية الخاطئة التي قد تسبّب قلقًا غير ضروري للمرضى. كما أن أنواع السرطان المختلفة تُفرز أنماطًا متباينة من الحمض النووي في الدم، مما يتطلب تطوير أدوات أكثر تخصيصًا وفاعلية.
وبحسب الدكتور بيرت فوغلستاين، أحد المساهمين في البحث، فإن النتائج الحالية ترسم خارطة طريق لتحديد "مستويات التحسّس المطلوبة" التي ينبغي أن تصل إليها الاختبارات حتى تكون قادرة على اكتشاف السرطان في مراحله الأولى.