“مؤشر البيتزا”: نظرية طريفة أم أداة لرصد التحركات الأمنية؟

في قلب العاصمة الأميركية واشنطن، حيث تتحرك السياسة بسرعة الضوء، ظهرت خلال السنوات الأخيرة ما يُعرف بـ”مؤشر البيتزا” وهي نظرية غير رسمية تربط بين ارتفاع عدد طلبات البيتزا في ساعات متأخرة من الليل ووجود استعدادات طارئة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية الأميركية. ويعتمد المؤشر على ملاحظة بسيطة: عندما يبقى الموظفون في وزارات الدفاع والخارجية ومجلس الأمن القومي في مكاتبهم حتى وقت متأخر، فإنهم غالبًا ما يلجأون إلى طلب وجبات سريعة، وعلى رأسها البيتزا.
ارتفاع الطلبات ليلة التحرك ضد إيران
أثارت هذه النظرية مجددًا الجدل والتأمل، بعدما رُصد ارتفاع مفاجئ في طلبات البيتزا من أحد فروع “دومينوز” القريب من مقر البنتاغون، ليلة الخميس الماضي، بالتزامن مع تقارير عن استعدادات إسرائيلية لتنفيذ ضربات جوية على أهداف في إيران. هذه الطفرة في الطلبيات، رغم أنها تبدو غير ذات صلة من الوهلة الأولى، أعادت إلى الأذهان سابقات استخدمت فيها مؤشرات غير تقليدية لاستشراف أحداث سياسية أو عسكرية كبرى.
كيف نشأ “مؤشر البيتزا”؟
يرتبط ظهور هذا المؤشر بـمراقبة أنماط السلوك في العاصمة الأميركية خلال لحظات الأزمات، خاصة عندما تتصاعد التوترات الدولية. عادة ما يعمل موظفو البنتاغون والبيت الأبيض حتى ساعات متأخرة أثناء التحضير لهجمات، أو اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى، وهو ما يدفعهم لطلب الطعام من أماكن قريبة لتوفير الوقت.
مع تكرار هذه الظاهرة، لاحظ البعض أن ارتفاع الطلبات في مناطق معينة من العاصمة يتزامن أحيانًا مع إعلانات لاحقة عن عمليات عسكرية أو تطورات أمنية بارزة، ما منح “مؤشر البيتزا” مكانته بين مؤشرات واشنطن غير التقليدية.
نظرية طريفة أم أداة استخباراتية؟
رغم طرافة التسمية، إلا أن هناك من يرى في هذا المؤشر ما هو أكثر من مجرد مصادفة. في عالم يعتمد على تحليل البيانات الكبيرة (Big Data)، لا يُستبعد أن تصبح أنماط الاستهلاك جزءًا من أدوات التنبؤ غير التقليدية. فقد استخدمت أجهزة استخبارات تجارية في الماضي مؤشرات مثل نسبة الإضاءة الصناعية بالأقمار الصناعية لقياس النشاط الاقتصادي، فلماذا لا تكون طلبات البيتزا مؤشرًا على النشاط الأمني؟
محاذير وحقائق
ورغم جاذبية الفكرة، يظل “مؤشر البيتزا” بعيدًا عن أن يكون أداة دقيقة أو علمية. الطلبات الليلية قد ترتفع ببساطة بسبب مباراة رياضية أو عرض تلفزيوني شهير، كما أن تزامنها مع أحداث أمنية لا يعني وجود علاقة سببية. ومع ذلك، فإن هذه المصادفة الأخيرة مع الهجوم الإسرائيلي على إيران جعلت الكثيرين يطرحون السؤال:
هل يمكن فعلاً قراءة نوايا الأمن القومي من خلال قائمة الطلبات الليلية؟
حين تتحول تفاصيل الحياة اليومية إلى إشارات كبرى
يظل “مؤشر البيتزا” واحدًا من أكثر النظريات الطريفة التي تعكس طبيعة الحياة السياسية في واشنطن، حيث لا تمر التفاصيل دون تحليل. وبينما تظل العلاقة بين البيتزا والقرارات الأمنية محل تساؤل، فإن مجرد وجود هذا المؤشر يعكس عطشًا دائمًا لفهم ما يجري خلف الأبواب المغلقة، ولو عبر رائحة جبنة الموزاريلا الساخنة.