عاجل

في كل مرة ينجح فيها الكابتن محمود الخطيب، تظهر موجات متتالية من النقد والتشكيك، كأن النجاح عند البعض تهمة يجب محاكمتها، لا إنجازًا يستحق الإشادة. ولعل السؤال المنطقي هنا: لماذا يحاول البعض بشتى الطرق تهميش نجاح "بيبو"؟ ولماذا يتحول كل إنجاز إلى مناسبة للتقليل والسخرية، حتى لو كان الإنجاز واضحًا كعين الشمس؟

الحقيقة أن محمود الخطيب لم يكن يومًا رجل صفقات إعلامية أو لقطات انفعالية، بل ظل حريصًا على هدوئه في زمن يعلو فيه صوت الضجيج على صوت العقل. وربما هذا الهدوء هو ما يزعج خصومه، لأنه يكشف هشاشتهم. فالرجل الذي اختار الطريق الأصعب – طريق بناء المؤسسات واستعادة الانضباط الإداري – لم يسعَ لإرضاء كاميرات أو تصفيق جماهير لحظي، بل سعى إلى إعادة الأهلي لما يجب أن يكون عليه: قلعة للقيم قبل الألقاب.

تُهاجم قراراته لأنها لا تساير الموجة، ويُنتقد صمته لأنه لا ينجرّ إلى المهاترات، ويُسفه نجاحه لأنه لا يصرّح إلا حين تكتمل الرؤية، وحين تكون الكلمة موزونة بميزان المسؤولية.

لكن رغم كل ذلك، يستمر الخطيب. لا يتوقف. لا يرد على كل ضجيج. فقط ينجز.

في عهده، حقق الأهلي ما لم يحققه أحد: ألقاب قارية متتالية، نظام مالي أكثر تماسكًا، استقرار إداري وسط عواصف، ومواقف أخلاقية أعادت للمؤسسة هيبتها. لكنه لم يسلم رغم ذلك من حملات منظمة، تتكرر كلما ارتفع الأهلي خطوة جديدة. كأن نجاح بيبو لا يحتمل، وكأن الحفاظ على الأهلي نقيًا وصامدًا أصبح فعلًا استفزازيًا!

إن تهميش الخطيب هو تهميش لفكرة أن القيادة يمكن أن تكون نظيفة، وأن القيم لا تزال قادرة على الانتصار في وسط هذا العبث. الذين يهاجمونه لا يهاجمون قراراته بقدر ما يرفضون وجود نموذج مختلف، نموذج يحترم العقول، ويصون الكيان، ولا يدخل في مزادات الكلام.

لكن هل يُعقل أن يصل هذا العداء إلى كراهية شخصية لرجل لم يُعرف عنه إلا الاحترام؟ هل يستحق الخطيب، وهو الذي لم يخطئ يومًا في حق أحد، أن يُقابل بهذا القدر من الهجوم والتهكم من جماهير المنافس التقليدي؟ الحقيقة أن هذه الكراهية غير المبررة تقول الكثير عن حال الوسط الرياضي، أكثر مما تقول عن الخطيب نفسه. فرجل بمثل أخلاقه وروحه الرياضية كان ينبغي أن يُحترم حتى من خصومه.. لكن يبدو أن بعض العقول تعجز عن استيعاب أن النجاح يمكن أن يأتي بنزاهة، دون ضجيج، ودون تجاوز.

وفي زمن يُباع فيه المبدأ في سوق المصالح، يظل الخطيب رمزًا نادرًا لمدرسة قديمة.. مدرسة "اللي بيتكلم قليل، بس بيفهم كتير".

فلهذا يحاولون بشتى الطرق تهميشه.. لأنه ببساطة نجح فيما فشل فيه كثيرون

تم نسخ الرابط