ما حكم صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة ؟ الإفتاء توضح

في بعض الأوقات قد تتعدد الجنائز وتُصلّى دفعة واحدة، مما يثير تساؤلات بين الناس حول ما إذا كان الأجر والثواب يقلّ في هذه الحالة مقارنة بالصلاة على كل جنازة منفردة أم لا وفي هذا السياق أجابت دار الإفتاء المصرية إذا صُلِّي على عدّة جنائز دفعةً واحدة، فإن للمصلِّي أجرًا عن كل جنازة منها كمن صلّى عليها منفردة؛ لأن الشريعة ربطت هذا الثواب بوصفٍ هو “الصلاة على الجنازة”، وهذا الوصف يتحقّق في كل ميتٍ على حدة، حتى وإن اجتمعت الجنائز في صلاة واحدة.
كما أن كل متوفّى ينتفع بدعاء المصلّين عليه، فيُستحق بذلك أجر مستقلّ لكل جنازة، ولا يُنقص من الثواب شيء، ففضل الله واسع وعطاؤه لا يُحدّ
حُكم صلاة الجنازة وفضلها العظيم
صلاة الجنازة تُعد من فروض الكفاية باتفاق جمهور العلماء، أي أنها إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، أما إذا تركها الجميع أثموا جميعًا. وقد حثَّ الشرع الشريف على أدائها، ورغّب فيها ترغيبًا كبيرًا، سواء في المشاركة في الصلاة أو مرافقة الجنازة حتى تُدفن، لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«من اتَّبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معه حتى يُصلى عليها ويُفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تُدفن، فإنه يرجع بقيراط»[متفق عليه].
فسأله الصحابة: وما القيراطان؟ فقال: «مثل الجبلين العظيمين».
وقد علّق الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري موضحًا أن ذكر جبل أُحد في الحديث يُقصد به تعظيم الثواب، حيث شبّه النبي صلى الله عليه وسلم الأجر بجبل أُحد في ضخامته، للتأكيد على عِظم الفضل المترتب على أداء هذا العمل الجليل.
كما أشار الإمام القسطلاني إلى أن هذا التشبيه قد يُؤخذ على الحقيقة كذلك، بمعنى أن الله عز وجل قد يجعل لهذا العمل وزنًا يوم القيامة يعادل جبل أحد، وقد ورد في رواية أخرى:
«كُتب له قيراطان؛ أخفّهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أُحد»،
وهو ما يدل على زنة الثواب لا مجرد تمثيله.
⸻
الصلاة على أكثر من جنازة في وقت واحد وبيان ثوابها
إذا صُلِّي على جنازة واحدة كان للمُصلِّي أجر القيراط، كما بيّن الحديث النبوي الشريف، ولكن هل يتكرر هذا الأجر إذا صُلِّي على عدة جنائز دفعة واحدة؟
الجواب: نعم، فإن أجر القيراط يتعدد بتعدد الجنائز، حتى لو جُمعت في صلاة واحدة، لأن كل ميت هو محلّ لصلاة مستقلة، وكل منهم انتفع بدعاء المصلين عليه، وبذلك يستحق كل واحد منهم الأجر الموعود به.
وقد صرح بذلك عدد من المحققين من أهل العلم، من مختلف المذاهب الفقهية:
• قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني:
“لو تعدد الأموات لتعدد القيراط بتعددهم؛ لأن كل ميت انتفع بدعائه وحضوره”.
• وذكر الشيخ العدوي في حاشيته أن الفقيه أبا عمر قال:
“يحصل بكل ميت قيراط واحد”، ووافقه على ذلك غيره.
• وأفتى الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج بأن القيراط يتعدد بتعدد الجنائز، حتى لو كانت الصلاة موحدة، وهذا ما أقرّه قاضي حماة البارزي، واعتبره الأذرعي ظاهر الحكم.
• وذكر شهاب الدين الرملي أن الشارع ربط الأجر بوصفٍ هو الصلاة على الجنازة، وهذا الوصف يتحقق مع كل ميت، سواء كانت الصلاة عليه منفردة أو ضمن مجموعة.
• وبيّن الشيخ السفاريني الحنبلي في كشف اللثام أن ظاهر القول هو تعدد القيراط مع تعدد الجنائز، وإن اتحدت الصلاة، ونصّ على ذلك عدد من أهل العلم