عاجل

هل يجوز حساب الزكاة سنويًا وفق السنة الميلادية بدل الهجرية؟

الزكاة
الزكاة

أثار أحد الأسئلة الفقهية الموجهة إلى دار الإفتاء المصرية حالة من الاهتمام الكبير بين أصحاب المؤسسات التجارية والشركات الذين يواجهون صعوبة في حساب الزكاة وفق الحول القمري المعتمد شرعًا، بسبب اعتماد ميزانياتهم على النظام المالي الميلادي السنوي.

وجاء نص السؤال كالتالي:"ما حكم الاعتماد في إخراج الزكاة على الحول الشمسي - السنة الميلادية -؟ حيث إنني أمتلك مؤسسة تجارية، ويصعب عليَّ إخراج الزكاة وفق الحول القمري نظرًا لربط ميزانية المؤسسة بالسنة الميلادية؛ فهل يجوز لي اعتبار السنة الميلادية في حساب الزكاة؟"

الإفتاء توضح المعيار المعتمد شرعًا في حساب حول الزكاة

أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي موضحة "إن الأصل المعتمد شرعًا في حولان الحول بالنسبة لزكاة الأموال هو اعتماد السنة القمرية أو ما يعرف بالحول الهجري، حيث يكون مقدار الزكاة المفروضة هو ربع العشر أي ما يعادل 2.5% من المال المستحق للزكاة."

وأضافت الإفتاء أن اعتماد السنة الهجرية في حساب الحول يعود إلى أن التشريع الإسلامي بني على أساس التقويم القمري في معظم العبادات المالية والزمنية كالصيام والحج والزكاة وغيرها.

التيسير جائز عند تعذر التقويم القمري.. ولكن بشروط

أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه رغم اعتماد الحول القمري كأصل شرعي، فإن التيسير جائز في حالة تعذر حساب الزكاة وفق السنة الهجرية؛ لا سيما عند ارتباط حسابات المؤسسة أو الشركة بالنظام المالي السنوي المعتمد على التقويم الميلادي.

وأكدت أنه "إذا تعذر على المكلَّف حساب زكاته بالعام الهجري لارتباط الميزانية بالعام الميلادي، فلا مانع شرعًا من الحساب وفق السنة الميلادية، بشرط أن يلتزم المزكي بزيادة نسبة الزكاة لتعويض الفرق بين عدد أيام السنة الميلادية والقمرية."

الفرق بين الحول القمري والشمي في عدد الأيام وتأثيره على نسبة الزكاة

أوضحت دار الإفتاء أن سبب هذه الزيادة في نسبة الزكاة يعود إلى الفارق الزمني بين عدد أيام السنة الشمسية وعدد أيام السنة القمرية، حيث يبلغ عدد أيام السنة الميلادية حوالي 365 يومًا، بينما السنة القمرية حوالي 354 يومًا؛ أي بفارق 11 يومًا تقريبًا سنويًا.

وبينت أنه بسبب هذا الفرق الزمني، فإن الالتزام بنفس نسبة الزكاة (2.5%) وفق السنة الميلادية يؤدي بمرور السنوات إلى إنقاص سنة كاملة من إخراج الزكاة تقريبًا كل 33 عامًا. لذلك أقر العلماء زيادة النسبة لتعويض هذا الفارق.

النسبة المعدلة للزكاة في حال اعتماد الحول الشمسي

قالت دار الإفتاء المصرية إنه في حال اعتماد الحول الشمسي في حساب الزكاة، تصبح نسبة الزكاة الواجبة 2.577% بدلاً من 2.5%.

وبهذا الشكل، يتم مراعاة الفارق الزمني وتحقيق العدالة في إخراج الزكاة دون أن يتضرر الفقير أو يقل مقدار الزكاة مع مرور الزمن.

الأدلة الفقهية التي استندت إليها دار الإفتاء في هذا الحكم
 

أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن هذا الحكم مستند إلى آراء كبار علماء المذاهب الفقهية، ومن أبرزها:

  • ما ورد في كتاب "الدر المختار" للعلامة الحصكفي الحنفي (ص244، ط. دار الكتب العلمية).
  • ما ذكره العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل" (ج2، ص162، ط. دار الفكر).

وأوضحت الإفتاء أن هذه المصادر الفقهية العريقة تناولت بتفصيل دقيق مسألة الفارق بين الحول القمري والحول الشمسي، وآثاره الفقهية على إخراج الزكاة.

أهمية مراعاة الدقة في حساب الزكاة 

شددت دار الإفتاء المصرية في ختام فتواها على ضرورة أن يحرص المزكي على الدقة في حساب أمواله عند إخراج الزكاة، سواء اعتمد الحول القمري أو الشمسي، مع ضرورة الالتزام بنسبة الزكاة الصحيحة في كل حال.

وأكدت أن الزكاة ركن عظيم من أركان الإسلام وحق واجب في مال الغني للفقراء والمحتاجين، ويجب أن تؤدى وفق الأحكام الشرعية الدقيقة التي تضمن وصول الحقوق إلى أصحابها.

 الإفتاء تواصل جهودها لتوضيح الأحكام المعاصرة

تأتي هذه الفتوى في إطار حرص دار الإفتاء المصرية الدائم على توضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بالقضايا المعاصرة التي تمس واقع الأفراد والمؤسسات في العصر الحديث، مع مراعاة طبيعة الحياة الاقتصادية والإدارية في الشركات والبنوك والمؤسسات الكبرى التي تعتمد النظم المالية الغربية في حساب ميزانياتها السنوية.

وأكدت الإفتاء أنها تواكب جميع المتغيرات الحديثة وتقدم الفتوى وفق ضوابط الشريعة الإسلامية السمحة، التي تجمع بين ثبات الأحكام ومرونة التطبيق مراعاة للظروف والأحوال المستجدة.

تم نسخ الرابط