تخريب الممتلكات العامة.. عقوبات رادعة في القانون وحادث قطار أسوان نموذجا

أكد أشرف فرحات، الخبير قانوني، أن ما شهده الرأي العام مؤخرًا من تداول مقطع فيديو يظهر قيام شخص بتخريب مرفق عام، وتحديدا قطار في حادثة أسوان، ليس مجرد تصرف فردي غير مسؤول، بل هو جريمة يعاقب عليها القانون المصري بعقوبات مشددة، لما لها من تأثير مباشر على الصالح العام وممتلكات الدولة التي تعود ملكيتها للمواطنين كافة.
العقوبات المقررة لتخريب الممتلكات العامة في القانون المصري
وأوضح فرحات، أن المشرع المصري وضع نصوصًا واضحة وصارمة لمواجهة جرائم تخريب الممتلكات العامة، وذلك في إطار حرصه على حماية المقدرات الوطنية ومنع أي عبث بها، وفي هذا السياق، تنص المادة 90 من قانون العقوبات على أن:
كل من خرب عمدًا مبان أو ممتلكات عامة، مخصصة لمصلحة حكومية، أو مرافق ومؤسسات عامة، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 5 سنوات.
هذا النص يحدد الإطار العام للجريمة وعقوبتها الأساسية. ولكن القانون يتدرج في العقوبة بحسب خطورة الفعل والظروف المحيطة به:
تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة بقصد إحداث الرعب والفوضى بين الناس. وهذا يعكس مدى جدية المشرع في التعامل مع الأفعال التي تهدد الأمن المجتمعي وتستهدف بث الفوضى.
وتصل العقوبة إلى الإعدام إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان متواجدًا في ذلك المكان. هذه أقصى عقوبة تفرضها الجريمة، لما تسببت فيه من إزهاق للأرواح نتيجة فعل التخريب.
بالإضافة إلى العقوبة السالبة للحرية، يحكم على مرتكب الجريمة بدفع قيمة الأشياء التي خربها، وهي عقوبة تكميلية تهدف إلى تعويض الضرر المادي الذي لحق بالممتلكات العامة.
حادثة قطار أسوان: تطبيق عملي للنص القانوني
الواقعة التي تم تداولها مؤخرًا حول قيام شخص باقتلاع مصباح إنارة من أحد القطارات وإلقائه خارجه، وما تلاها من ردود فعل غاضبة، تمثل تطبيقًا عمليًا لهذه النصوص القانونية.
فبعد التحقيقات، تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد هوية مرتكب الواقعة وضبطه، وتبين أنه عامل مقيم بدائرة مركز شرطة كوم أمبو بأسوان.
وبمواجهة المتهم، أقر بتفاصيل صادمة كشفت عن دافع غير مسؤول وراء تصرفه فقد اعترف بأنه قام بهذا الفعل احتجاجًا على توقيع غرامة مالية عليه لعدم حيازته تذكرة ركوب أثناء استقلاله القطار.
والأخطر من ذلك، أن صديقه قام بتصوير الواقعة ونشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعكس سلوكًا غير مقبول وتفاخرًا بالتعدي على الممتلكات العامة.
هذا التصرف، بغض النظر عن الدافع الشخصي للمتهم، يندرج تحت نص المادة 90 من قانون العقوبات، باعتباره تخريبًا عمديًا لممتلكات عامة مخصصة لمصلحة عامة.
وقد تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتهم، تمهيدًا لمحاكمته وتوقيع العقوبة المستحقة عليه هذا الإجراء ليس فقط عقابًا للجاني، بل هو أيضًا رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه الإضرار بممتلكات الدولة، بأن القانون سيطبق بحزم لحماية الصالح العام.
التعدي على الممتلكات الخاصة: تمييز قانوني مهم
تجدر الإشارة إلى أن القانون يضع تمييزا بين عقوبات التعدي على الممتلكات العامة والخاصة. فبالنسبة للتعدي على الممتلكات الخاصة، نصت المادة 369 من قانون العقوبات على عقوبات محددة لدخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه. فكل من يدخل عقارًا بهذا القصد، أو يبقى فيه بوجه قانوني ثم يعتزم ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري.
وتزيد العقوبة إذا وقعت هذه الجريمة من شخصين أو أكثر وكان أحدهم على الأقل حاملاً سلاحًا، أو من عشرة أشخاص على الأقل ولم يكن معهم سلاح، حيث تكون العقوبة في هذه الحالات الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو غرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه مصري.
هذا التمييز القانوني يؤكد على أن المشرع يرى أن الممتلكات العامة، التي هي ملك للشعب بأكمله وتمول من أموال دافعي الضرائب، تتطلب حماية أكبر وعقوبات أشد، نظراً لتأثير أي اعتداء عليها على عدد أكبر من المواطنين وعلى الخدمات الأساسية المقدمة لهم