عاجل

التضخم يعاود الارتفاع .. خبير اقتصادي: الوضع يتطلب توازناً دقيقاً

د.اسلام جمال الدين
د.اسلام جمال الدين

في ظل التطورات الاقتصادية المتسارعة، عاد معدل التضخم في مصر إلى الصعود بشكل غير متوقع خلال مايو 2025، مسجلاً قفزة جديدة تثير تساؤلات حول فعالية السياسة النقدية في احتواء الضغوط السعرية، وسط بيئة دولية معقدة تتسم بتقلبات الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

وفي هذا السياق، قال الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي ،عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، إن مصر تشهد حاليًا تطورات مهمة في مؤشرات التضخم، حيث سجل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في الحضر قفزة إلى 16.8% خلال مايو 2025، مقارنة بـ13.9% في أبريل، بزيادة بلغت 2.9 نقطة مئوية خلال شهر واحد فقط.

وأشارالخبير الاقتصادى، إلى أن هذه الزيادة جاءت مخالفة للتوقعات التي رجّحت صعودًا تدريجيًا نحو 14.9% فقط، مرجعًا ذلك إلى تأثير ما يُعرف بـ"سنة الأساس"؛ أي المقارنة مع مستويات منخفضة نسبيًا من العام الماضي، ما يضخم نسبة الزيادة عند القياس.

وأضاف شوقي، أن التضخم الأساسي – الذي يستثني السلع ذات الأسعار المتقلبة مثل الغذاء والوقود – ارتفع كذلك إلى 13.1% في مايو، مقابل 10.4% في أبريل، ما يعكس اتجاهاً عاماً متصاعداً في الأسعار لا يمكن إرجاعه فقط إلى عوامل مؤقتة.

وحول السياسة النقدية، أوضح أن البنك المركزي المصري استغل انخفاض معدلات التضخم خلال بداية العام لبدء دورة تيسير نقدي، إذ خفّض في أبريل سعر الإقراض لليلة واحدة بمقدار 225 نقطة أساس دفعة واحدة إلى 26%، وتبعها بخفض آخر في مايو بواقع 100 نقطة أساس، في محاولة لتحفيز النمو دون فقدان السيطرة على التضخم.

لكن الارتفاع المفاجئ في التضخم يطرح تحديات جديدة أمام صانع القرار النقدي، وفقًا لشوقي، الذي حذر من أن استمرار هذا الاتجاه قد يضطر البنك المركزي إلى تعليق سياسة التيسير، وربما مراجعتها في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل في 25 يوليو، إذا ما واصلت البيانات الشهرية الإشارة إلى تصاعد الضغوط السعرية.

وأوضح، أن العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع المفاجئ تشمل التأثير المتأخر لزيادة أسعار الطاقة منتصف أبريل، والتي انعكست على تكاليف الإنتاج والنقل والخدمات، فضلًا عن استمرار التأثيرات العالمية مثل تقلبات أسعار السلع الأساسية وتذبذب أسعار العملات.

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، قال شوقي، إن السيناريو الأقرب يشير إلى استقرار أو انخفاض تدريجي في معدلات التضخم خلال النصف الثاني من العام، بشرط عدم حدوث صدمات خارجية جديدة، مثل ارتفاعات إضافية في أسعار الغذاء والطاقة أو تطورات جيوسياسية مفاجئة.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد المصري يمر حاليًا بمرحلة انتقالية دقيقة تتطلب توازناً محسوباً بين دعم النمو من جهة، وكبح التضخم من جهة أخرى، ما يستوجب تنسيقاً محكماً بين السياسات النقدية والمالية، واستمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية بحذر.

واختتم شوقي، حديثه بالتأكيد على أن نجاح مصر في تحقيق استقرار اقتصادي مستدام خلال المرحلة المقبلة مرهون بالمرونة في إدارة السياسات، والاستمرار في برنامج الإصلاح بالتوازي مع الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، لا سيما في ظل التزاماتها مع صندوق النقد الدولي.

تم نسخ الرابط