عاجل

شرط القبول.. الإخلاص والمتابعة .. متى يقبل الله العمل الصالح؟

العمل الصالح
العمل الصالح

في وقت يبحث فيه الكثير عن الأعمال الصالحة التي ترضي الله عز وجل ، ، يبرز سؤال جوهري يتردد في خواطر المصلين والعابدين: متى يقبل الله العمل الصالح؟ ورغم أن العمل الصالح هو أحد مفاتيح السعادة الأبدية، إلا أن قبوله عند الله سبحانه وتعالى ليس مشروطًا بمجرد أدائه، بل يخضع لضوابط إيمانية وروحية عميقة، حددتها النصوص الشرعية وبسطها العلماء في كتبهم ومواعظهم

أولاً: شرطا القبول.. الإخلاص والمتابعة

أجمع أهل العلم أن قبول العمل الصالح لا يكون إلا إذا تحقق فيه شرطان عظيمان هما:
1. الإخلاص لله تعالى
2. المتابعة لهدي النبي ﷺ

يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى:﴿فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110]:

“هذا هو حال من ابتغى وجه الله بعمله الصالح، بأن يكون خالصًا لله، موافقًا لشريعة الرسول ﷺ، فهاتان ركنا القبول.”(تفسير ابن كثير، ج5، ص113)

كما قرر الإمام ابن القيم هذا المعنى حين قال:“العمل لا يُقبل إلا إذا كان خالصًا صوابًا، والخالص: ما أريد به وجه الله، والصواب: ما كان على السنة.”(مدارج السالكين، ج2، ص91)

ثانيًا: الإخلاص.. أن لا يُراد بالعمل سوى الله

قال تعالى:﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5]

والإخلاص هو تصفية النية من كل ما يشوبها من رياء أو طلب مدح أو مجاملة، وقد أشار النبي ﷺ إلى خطر فقدان الإخلاص في قوله:

“أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر”، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: “الرياء”.(رواه أحمد في المسند،)

ويقول الإمام الغزالي في “إحياء علوم الدين”: “الرياء محبط للعمل، والإخلاص هو الفرق بين القبول والرد.” (الإحياء، ج4، ص326)

ثالثًا: المتابعة.. أن يكون العمل وفق السنة

قال النبي ﷺ:“من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.”(رواه مسلم، رقم 1718)

وهذا يدل على أن العمل المخترع، أو الذي يخالف سنة النبي ﷺ، مردود على صاحبه وإن حسنت نيته.

وفي ذلك يقول الإمام الشافعي:“كل ما له أصل في الكتاب والسنة فليس ببدعة، وما لا أصل له منهما فهو ضلالة.”(الرسالة، ص253)

رابعًا: كثرة العمل ليست مقياس القبول

الكثير من الناس يظنون أن الأعمال الكثيرة تغني عن الإخلاص أو صحة الاتباع، وهذا غير دقيق.

يقول الإمام ابن رجب الحنبلي: “العبرة ليست بكثرة العمل، وإنما بكونه موافقًا للشرع، وخالصًا لله.”(جامع العلوم والحكم، الحديث الخامس)

بل إن الصحابة الكرام – رغم صلاحهم – كانوا يخشون من عدم القبول، فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

“كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾؟”
(تفسير ابن أبي حاتم، ج4، ص1215

هل هناك علامات تدل على قبول العمل؟

رغم أن القبول غيب لا يعلمه إلا الله، إلا أن السلف تحدثوا عن بعض العلامات التي يُرجى بها قبول العمل، منها:
• الاستمرار على الطاعة بعد انتهائها، كما في الحديث:
“أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” (رواه مسلم).
• انكسار القلب بعد العمل وعدم العُجب، فقد كان الصحابة يبكون عند إتمام العبادة لا طربًا، بل خوفًا من عدم قبولها.
يقول علي بن أبي طالب:“كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل نفسه”.
• ظهور أثر العمل في السلوك، فالصلاة تنهى عن الفحشاء، والصيام يورث التقوى، فمن لم تتغير سلوكياته بعد العبادة، فليُراجع نيته.
قال الحسن البصري:
“إذا لم تؤثر فيك طاعتك، فاتهم نفسك”.

هل يُردّ العمل الصالح؟

نعم، ورد العمل مذكور في القرآن والسنة، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، وقال تعالى أيضًا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ [البقرة: 264].
وقد قال رسول الله ﷺ:“إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، وابتغي به وجهه”. رواه النسائي،

تم نسخ الرابط