فرانكو ماستانتونو.. مراهق أرجنتيني يُشعل صراع ريال مدريد وباريس | تقرير

في بلدٍ عُرف عنه إنجاب الأساطير، من مارادونا إلى ميسي، نادرًا ما تمنح الصحافة الأرجنتينية شرف "الاستثنائية" لأي لاعب قبل بلوغه سن الرشد الكروي، لكن فرانكو ماستانتونو خالف القاعدة.
لاعب ريفر بليت الشاب، الذي لم يتجاوز عامه السابع عشر، خطف أنظار كبار أوروبا، وعلى رأسهم ريال مدريد وباريس سان جيرمان، بعدما قدّم أداءً مبهرًا لا يليق إلا بالنجوم الناضجين، وليس بمراهق في بداياته.
في فبراير 2024، كتب ماستانتونو اسمه بأحرف ذهبية كأصغر لاعب يسجل هدفًا في تاريخ ريفر بليت، بعمر 16 عامًا وخمسة أشهر و25 يومًا، بعدما كان قد دوّن مشاركته الأولى مع الفريق الأول في يناير من العام نفسه، ليصبح ثالث أصغر لاعب يشارك بقميص النادي العريق.
ماستانتونو مرتبط بعقد مع ريفر بليت حتى 2026، لكن الأهم من ذلك أن شرطه الجزائي يبلغ 45 مليون يورو، وهو الأعلى في تاريخ النادي، ما يعكس حجم الرهان عليه محليًا وعالميًا. لكن بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، تقف الأرقام خلف نجم شاب يُجيد إقناع الأندية الكبرى بلغة لا تقبل التأويل: لغة الأداء.
خلال 931 دقيقة فقط في الدوري الأرجنتيني، شارك ماستانتونو في 12 مباراة، سجل خلالها 4 أهداف ومرر مثلها، بمعدل مساهمة تهديفية كل 116 دقيقة، وهو رقم نادر حتى بين المحترفين، فما بالك بلاعب لم يبلغ الثامنة عشرة. بمعدل 0.77 مساهمة كل 90 دقيقة، أثبت أنه ليس موهبة مستقبلية، بل ورقة رابحة في الحاضر.
دقته في التسديد ملفتة للنظر؛ فعدد أهدافه الفعلي (4) يقارب أهدافه المتوقعة (4.07)، ما يعكس قدرته على استغلال الفرص. الأهم أنه سجلها من تسديدات دقيقة وصلت إلى معدل 4.75 أهداف متوقعة بعد التسديد، ما يكشف عن وعي تكتيكي ومهارة في التصويب نحو الزوايا الصعبة.
كما لم يكتف ماستانتونو بالتهديف فقط، بل أظهر ذكاءً في صناعة اللعب. فقد صنع 29 فرصة، ومرر بدقة 79.8%، منها 21 تمريرة طولية ناجحة بدقة 75%، إلى جانب 11 عرضية ناجحة، وهي أرقام تؤكد تنوعه وتكامله كلاعب وسط هجومي.
لم يتهرب من المسؤولية، بل لمس الكرة 788 مرة خلال 12 مباراة، بمعدل يفوق 65 لمسة في المباراة، منها 56 لمسة داخل منطقة جزاء الخصم. وبنسبة نجاح في المراوغات بلغت 48.7% (37 مراوغة ناجحة)، فإن ماستانتونو لا يخشى المواجهات الفردية، ويُجيد التعامل مع الضغوط. خسر الاستحواذ فقط 29 مرة، وحصل على 18 خطأ، مما يعكس نضجه في اتخاذ القرار.
حتى في الواجبات الدفاعية، لم يتراجع. شارك في 175 صراعًا ثنائيًا فاز بـ75 منها (42.9%)، ونجح في 10 من أصل 23 صراعًا هوائيًا، واستعاد الكرة 42 مرة، بينها 12 مرة في الثلث الأخير من الملعب، مما يدل على التزامه الدفاعي وضغطه العالي الفعّال.
ريال مدريد يراه امتدادًا لمشروع المواهب اللاتينية الذي بدأه مع فينيسيوس ورودريجو وفالفيردي. وبعد اعتزال توني كروس ورحيل مودريتش، تزداد حاجة الملكي لصانع ألعاب شاب يُعيد التوازن لخط الوسط. ومع قدوم تشابي ألونسو، المدرب الذي برع في تطوير الشباب في باير ليفركوزن، تبدو البيئة مثالية لنمو ماستانتونو.
أما باريس سان جيرمان، بطل دوري الأبطال، فيسير على نهج مشابه مع لاعبين مثل وارن زاير إيمري، ويُدرك أن تنويع الحلول في الوسط الهجومي سيبقيه في القمة بعد رحيل ميسي ومبابي. ماستانتونو قد يكون حلقة مهمة في هذا التحول.
لكن تظل الحاجة الأكثر إلحاحًا في مدريد، حيث تتسع الفرصة أكثر، ويحتاج المشروع إلى حجر زاوية جديد. فرانكو ماستانتونو ليس مجرد لاعب واعد، بل حالة نضوج كروي مبكر، قد تُصبح أسطورة تروى، لا مجرد رقم في تاريخ الانتقالات