ذاكرة وطنية مهددة بالاندثار..
نداء من باريس.. مبادرة فرنسية لبنانية لإحياء إرث شكري وخليل غانم

أطلق لبنانيون من باريس نداءً عاجلًا لإنقاذ قبري شكري وخليل غانم، وهما من أبرز الشخصيات التي ساهمت في ولادة فكرة لبنان الكبير، وذلك في إطار مبادرة ثقافية إنسانية تهدف إلى إحياء الذاكرة الوطنية اللبنانية وحماية إرث رواد النهضة من النسيان.
وكشف مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" من بيروت، أحمد سنجاب، تفاصيل هذه المبادرة التي تحمل في طياتها بُعدًا رمزيًا عميقًا، حيث تسعى لإعادة الاعتبار لرجلين تركا بصمة مؤثرة في تاريخ لبنان السياسي والأدبي في القرن التاسع عشر.
من باريس إلى حلم الدولة المستقلة
أوضح أحمد سنجاب أن شكري وخليل غانم، الذي كان يقيم في فرنسا وقت تأسيس دولة لبنان عام 1926، لعب دورًا أدبيًا وسياسيًا بالغ الأهمية، وكان من أوائل من نادوا بضرورة إقامة كيان لبناني مستقل، بعيدًا عن الهيمنة أو التبعية، وهي الدعوة التي مهّدت لاحقًا لتشكيل لبنان الكبير.
وأشار أحمد سنجاب إلى أن شكري وخليل غانم يُعد من أهم رموز النخبة الفكرية اللبنانية، التي دافعت عن هوية الوطن، وسعت لتكريس استقلاله في ظل أوضاع إقليمية ودولية معقدة، مع التشديد على أهمية إعادة الاعتبار لهذا الدور ضمن السردية الوطنية.
شاعر وسياسي في قلب النهضة
وتابع أحمد سنجاب: "أما شقيقه خليل غانم، الذي توفي عام 1903، فكان من رواد النهضة الثقافية والسياسية، وله إنتاج أدبي واسع، ومواقف فكرية كان لها صدى في تشكيل الهوية اللبنانية الحديثة، كما ساهم في بلورة الفكر القومي اللبناني، واعتُبر أحد أبرز الأصوات الداعية للتحرر والتعددية".
ووواصل أحمد سنجاب: "تُظهر السجلات التاريخية أن شكري وخليل غانم شكّلا معًا ثنائيًا فريدًا في الثقافة والسياسة، وكانا من أعمدة الصحافة والنقاشات الفكرية، ما يجعل قبريهما في فرنسا بمثابة رمز حي لذاكرة وطنية تستحق الإحياء".
مبادرة لبنانية - فرنسية
وأكمل أحمد سنجاب: تقود هذه المبادرة ميشال إدمون غانم، حفيد الأخ الأصغرشكري وخليل غانم، والذي كرّس أكثر من عشرين عامًا من حياته في البحث والتوثيق حول سيرة الرجلين، في محاولة لإنقاذ إرثهما من التهميش.
ووتناول أحمد سنجاب التقرير على أن ميشال يؤكد أن قبري شكري وخليل غانم في فرنسا يعانيان من الإهمال والنسيان، تمامًا كما يُهمَل إرثهم في الذاكرة اللبنانية الرسمية، رغم كونهما من الركائز التي قامت عليها فكرة الوطن المستقل.
الظروف السياسية
تطرق التقرير كذلك إلى الأسباب التي حالت دون تحقق كامل أحلام الأخوين شكري وخليل غانم، حيث أشار إلى أن الظروف السياسية والاقتصادية والحروب المتكررة التي شهدها لبنان خلال القرن الماضي، كانت سببًا في إجهاض كثير من طموحات الرواد المؤسسين.
فعلى الرغم من أن بعض الإنجازات تحققت، إلا أن الواقع اللبناني لا يزال بعيدًا عن التصور المثالي الذي نادى به هؤلاء المفكرون، ما يجعل إعادة إحياء إرثهم ضرورة لاستعادة بوصلة الهوية الوطنية.

دعوة لإعادة الاعتبار
وفي ختام التقرير، وجهت المبادرة دعوة مفتوحة إلى الدولة اللبنانية والمجتمع الثقافي والأكاديمي، من أجل دعم مشروع صيانة القبرين شكري وخليل غانم وإحياء إرث الأخوين غانم، كخطوة رمزية على طريق ردّ الجميل لرواد الاستقلال والتنوير الذين قدموا الكثير للبنان.
المبادرة ليست فقط مشروعًا لترميم قبرين، بل محاولة صادقة لاستعادة الوعي الوطني المنسي، وإعادة توجيه البوصلة نحو قيم النهضة والاستقلال التي نادى بها شكري وخليل غانم، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى إعادة قراءة تاريخه واستلهام دروس رموزه.